المحتوى المعرفي لمنهج الفيديو بمشروع تمكين الشباب رقميا
مقدمات
تبويب
المحتوى التالي هو جزء من منهج الفيديو لتدريب الشباب و الفتية كجزء من مشروع تمكين الشباب رقميا. تم تطوير و ترجمة و اقتباس و تنسيق المحتوى التالي من قبل مصطفى يوسف، كما شارك في الكتابة و التطوير خالد الفارس، ليكون الباب التالي نواة أساسية لمحتوى معرفي عن صناعة الفيديوهات و الأفلام باللغة العربية.
الرخصة
مثل الدليل يخضع هذا المحتوى لرخصة المشاع الإبداعي: النسبة للكاتب و المشاركة بالمثل. لك مطلق الحرية في نسخ، نشر، مشاركة، و عمل نسخ مشتقة من الدليل و ذلك وفقا للشروط الاتية:
- النسبة للكاتب: يجب عليك أن تنسب العمل بصفته الخاصة للمؤلف أو المرخص و المشروع الحالي.
- المشاركة بالمثل: إذا غيرت في العمل أو حولته أو بنيت عليه نسخة مشتقة يجب عليك نشر العمل النهائي بنفس الرخصة.
أي إعادة استخدام أو توزيع يجب عليك التأكد من توضيح الشروط الموضحة أعلاه. أي من هذه الشروط يمكن ألا يعمل بها إذا حصلت على ترخيص من صاحب الملكية. انت مرخص لك بالإستخدام و كافة الحقوق الأخرى التي لا تتعارض مع الشروط الموضحة أعلاه.
كافة الأسماء و الشعارات و العلامات التجارية الواردة في هذا الدليل هي ملك لأصحابها.
بالإضافة يشجع مطور هذا الدليل القراء على مناقشة و تطوير المحتوى التالي ليكون مرجعا وافيا باللغة العربية في حرف و ممارسات صناعة الأفلام و عمل الفيديوهات.
شكر
يشكر مطور هذا الدليل كل من: هالة جلال، جوليان شميدت، محمد عبد الرؤوف، أمجد رياض، أحمد غربية، سلمى سعيد، تعاونية مصرين، شريف جابر، ماكس شنايدر، نضال الدبس، هبة يسري، دعاء فاضل، فاطمة عابد، بسمة الحسيني، و كل من ساعدوا بشكل مباشر أو غير مباشر، و اقتطعوا وقتا و جهدا لمناقشة و مراجعة و إعادة التفكير في هذا الدليل: رؤيته و هدفه.
خلفية تاريخية
القمرة
حسن ابن الهيثم هو عالم عربي ولد بالبصرة و جاء إلى القاهرة بناء على دعوة الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله حيث طوَّر معظم دراساته العلمية بالجامع الأزهر. له إكتشافات و دراسات في علوم كثيرة منها الرياضيات و الفلك و أسس المنهج العلمي و الهندسة، و لكن من أهم ما قدَّمه هو نظريته للإبصار التي قدَّمها في كتاب المناظر.
قبله اعتقد العديد من العلماء أن الرؤية تتم اعتمادًا على إنبعاث أشعة الضوء من العين خارجةً لتتعرف على ما أمامها.و لكن حسن ابن الهيثم استطاع إثبات نظرية الولوج، والتي تفترض أن الرؤية تأتي من إنعكاس الضوء على الأجسام ليدخل لعدسة العين، وهو ما أثبته عن طريق التجارب. كما وحّد علم البصريات الهندسية مع فرضيات أرسطو الفيزيائية لتُشكِّل أساس علم البصريات الفيزيائية الحديثة.
أثبت ابن الهيثم أيضًا أن أشعة الضوء تسير في خطوط مستقيمة، كما نفذ تجارب مختلفة حول العدسات والمرايا والانكسار والانعكاس. وكان أيضًا أول من اختزل أشعة الضوء المنعكس والمنكسر في متجهين رأسي وأفقي، والذي كان بمثابة تطور أساسي في البصريات الهندسية، و على أساسه اقترح تكثيف الضوء في بؤرة واحدة لينعكس على شاشة، و كانت هذه بمثابة أول آلة تصوير.
قدّم ابن الهيثم أول وصف واضح وتحليل صحيح للكاميرا المظلمة والكاميرا ذات الثقب، فكان بذلك أول من نجح في مشروع نقل صورة من الخارج إلى شاشة داخلية كما في الكاميرا المظلمة التي اشتقّ الغرب اسمها من الكلمة العربية: "قُمرة"، عن طريق كلمة camera obscura اللاتينية، التي تعني "الغرفة المظلمة". و نفذ حسن ابن الهيثم أول تجربة نقل صورة ضوئيا في قمرته الخاصة بجوار الجامع الأزهر في القاهرة.
نظرية بقاء الصورة على شبكية العين
في أواخر القرن الثامن عشر وصل العلماء لنظرية بسيطة توضع أن ما يراه الإنسان يثبت على شبكية عينه لفترة قصيرة (تقريبًا ١/١٢ من الثانية) حتى بعد إنتهاء رؤيتها.
هذا يعني أن إذا عرض صورتين تلو بعض في وقت قصير جدًا ستدخل جزء من الأولى في الثانية و بالتالي سيتوهم العقل وجود حركة حتى لو الصور ثابتة. كان هذا الاكتشاف الأساس للعديد من صناديق الدنيا و الصناديق السحرية التي تعرض صور بسرعة كبيرة للمتفرجين فيتوهمون الحركة، ومع تطور الوسيط الفوتوغرافي في أواخر القرن التاسع عشر نفذت نفس الفكرة عليه لتظهر أوائل اللقطات السينمائية (الصور المتحركة).
التجارب السينمائية الأولى
في الفترة بين ١٨٣٠ و ١٨٨٠ تطورت العديد من الإختراعات والابتكارات التي تعتبر ممهدة لتحريك الصور على شريط سينمائي فمثلا سنة ١٨٣٢ وفي وقت واحد اخترع كل من الفيزيائي البلجيكي الشاب "جوزيف بلاتو" والأستاذ النمساوي "ستامبفر" آلات لعرض صور متحركة، وقد تجاوز "بلاتو" منافسه في النتائج التي حصل عليها من تركيب آلة "الحركة الوهميّة" التي طرحها عام ١٨٣٣ بنفس مبادئ السينما ذاتها.
من ثم ولإثبات صحة رأي الملياردير الأمريكي "لولاند ستانفورد" حول رهان دخل فيه يتعلق بأشكال وأوضاع الحصان أثناء العدو، أنفق هذا المليادير ثروة طائلة لكي يصمم الإنجليزي "مايبريدج" جهازاً يستخدم أربعاً وعشرين حجرة سوداء يجلس في كل منها رجل يجهز صفيحة تصوير ليعبئ آلة التصوير الضوئي، ثم تندفع الخيول في الحلبة مصورة ذاتها بمجرد قطعها للخيوط الموضوعة في طريقها والمتصلة بآلات التصوير وقد استلزم إحكام هذا الجهاز منذ ١٨٧٢ وحتى ١٨٧٨ حيث نشرت في كل مكان هذه الصور الضوئية المأخوذة في كاليفورلنيا فأثارت حماسة الباحثين العلميين وسخط الفنانين المحافظين الذين ظهرت أخطاء رسمهم للأحصنة أثناء العدو فزعموا أن التصوير الضوئي ذو رؤية خاطئة.
(صورة حصان مايبريدج الشهيرة)
وفي الوقت ذاته كان "أديسون" ينقل السينما إلى مرحلتها الحاسمة وذلك باختراعه الفيلم الحديث قياس ٣٥ ملم ذو الأزواج الثقوبية الأربعة في الصورة، وحاول دمج التصوير الحي بـ "الحاكي Phonographe" لكنه فشل، ثم أدخل الإنكليزي "ديكسون" وبإرشادات "أديسون" تحسين أساسي وهو ثقب الأفلام واستعمال أفلام "السليولويد Celluloid" بطول ٥٠ قدماً التي صنعت خصيصاً من قبل معامل الإنتاج الفوتوغرافي "ايستمان كوداك."
أما الإختراع الشامل كان من صنع "لوميير" بدءاً من مارس ١٨٩٥ الذي أخترع جهازاً أسماه "السينما توغراف" ومنه اشتقت كلمة "سينما" وهو جهاز يجمع بين الغرفة السوداء والمنوار والسحّـابة للصور الإيجابية، وقد تم صناعته في المعامل التي يديرها "كاربنتييه" ليحقق "لوميير" بذلك آلة تفوقت على مثيلاتها، وبكمالها التقني وجدّة موضوعات أفلامها حققت انتصاراً عالمياً.
وفي أواخر سنة ١٨٩٦ خرجت السينما نهائياً من حيز المخابر وتعددت الآلات المسجلة مثل آلات : "لوميير"، "ميلييس"، "باتيه" و"غومونت" في "فرنسا"، و"أديسون" و"البيوغراف" في "الولايات المتحدة" وأمّا في "لندن" فقد أرسى "ويليام بول" قواعد الصناعة السينما توغرافية حتى صار ألوف الناس يزدحمون كل مساء في قاعات السينما المظلمة.
الصورة
اللقطة
من لحظة تشغيل زر التسجيل على الكاميرا و حتى لحظة إيقاف التسجيل، هذه لقطة واحدة، فهي تختلف عن المشهد أو الفصل أو الصورة الواحدة، كما جربنا في الدرس السابق اللقطة تتكون من مجموعة من الصور تعرض تباعا بشكل سريع لكي تنقل إحساس بإستمرارية الحركة. فالصورة هي ثابتة ليس لها زمن محدد، و المشهد قد يرى من عدة لقطات تركب على بعض. و بالتالى فإن اللقطة هي الوحدة الأساسية في صنع أي فيديو أو فيلم.
كل لقطة لها أبعاد محددة: هذا التحديد يعطي إطارا محددا تقع الصورة بداخله فقط و تحدد أبعاده (بالسنتي أو بالبيكسل) على حسب الوسيط و الكاميرا و طريقة العرض و لكن كلها لها أبعاد متقاربة. فالصورة هي كل مايقع داخل إطار محدد مسبقاً يسمى "الكادر".
فكيف إذا نستطيع تعريف اللقطة؟
حجم اللقطة
هو مدى وسع أو ضيق الزاوية و المنظور المصور فيه. هناك تعريفات كثيرة متغايرة ( و أحيانًا متضادة) لأحجام الكادرات و لكن كلها تتبع نفس المنطق. بما أننا من البشر فقد جرت العادة على تعريف أحجام الكادرات نسبة للعنصر البشري الذي بها، و بالتالي فهي ليست تعريفات لأحجامًا مترية ثابتة و لكن تتغير بتغير الموضوع المصور. الأحجام هي:
- اللقطة شديدة الوسع Extereme Long Shot أو Extereme Wide Shot
في اللقطات شديدة الوسع، نرى المنظر من مسافة بعيدة. الهدف من هذه اللقطة هو توضيح البيئة المحيطة بالعنصر أو الشخص المصور، كثيرًا ما تستخدم هذه اللقطات لتقديم الموضوع، اللقطة الأولى من مشهد جديد، مصممة لتوضح للمشاهد أين يقع الحدث.
- اللقطة الواسعة Long Shot أو Wide Shot
التركيز في اللقطات الواسعة يكون على البيئة المحيطة، ولكن هنا ال"موضوع" أقرب. في هذه اللقطة نرى أيضا البيئة المحيطة.
- اللقطة الكاملة Full Shot
هي عندما يحتل الشيء الذي نقوم بتصويره معظم الكادر تاركًا مسافة فوقه ومسافة تحته. "مساحة الآمان" و التي يطلق عليها بالانجليزية "مساحة الرأس Headroom" هذه ضرورية وتجعل العنصر الذي نصورة يبدو أكثر طبيعية بداخل البيئة المحيطة به، بدون محاولة اقحامه في داخل الكادر.
- اللقطة المتوسطة Medium Shot
تستخدم عادة في التلفزيون عندما يعطينا المذيع معلومات محددة عن فعالية يتبعها سلسلة من اللقطات من هذه الفعالية. عندما نصور مع أشخاص، يظهر في اللقطة المتوسطة الجزء العلوي من الشخص (من الوسط وحتى الرأس). تسمح هذه اللقطة أيضا لرؤية الحركة الجسمانية بشكل أوضح.
- اللقطة القريبة Close Shot أو Close Up
تظهر الشخص أو الشىء الذى نصورة بالتفصيل. في هذه الصورة تظهر في اللقطة رأس الطفل وملامحه بالتفصيل بدون أن تظهر البيئة المحيطة به.
- اللقطة شديدة القرب Extreme Close Up أو Big Close Up
تظهر تفصيلة من الموضوع، المكان أو الشخص المصور: إصبعه، عينه، الخ.
هناك أيضا أحجام متعددة بين هذه المحددات مثل اللقطة المتوسطة الواسعة Medium Long Shot أو اللقطة المتوسطة القريبة Medium Close Shot، فالأهم من حفظ تعريفات جامدة لأحجام اللقطات هو فهم منطقها و كيفية التواصل مع الأخرىن بخصوص الحجم المصور.
أيضاً نرى من الأمثلة أن الأحجام المختلفة تنقل معلومات مختلفة عن الموضوع المصور أو الشخص، مشاعره، بيئته المحيطة، علاقاته، الخ. من المهم معرفة وجهة نظر الكاميرا و الحجم المقصود تصويره. ليس مجرد تصوير أي حجم بشكل تلقائي. أيضًا وجود تنوع في الأحجام و الزوايا المصورة يساعد على نقل وجهات نظر مختلفة. و من خلال بناء ترتيب مقصود للأحجام في المونتاج، يساعد على جذب المشاهد و خلق علاقة مقصودة بالشخص أو الموضوع المصور.
زاوية اللقطة
وهي العلاقة الجغرافية و الهندسية بين موقع الكاميرا و موقع الموضوع أو الشخص المصور و وضعه الجسماني. و تعرف الزاوية ببعدين: أفقي و رأسي. البعد الرأسي هو موقع الكاميرا الرأسي من الشخص أو الموضوع المصور.
الزوايا الرأسية
- مستوى النظر eye-level
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من نفس المستوى الرأسي للشخص أو الموضوع المصور
- زاوية منخفضة low-angle
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من أسفل المستوى الرأسي للشخص أو الموضوع المصور، و لكن تنظر من أسفل لأعلى عليه
- مستوى منخفض low-level
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من أسفل المستوى الرأسي للشخص أو الموضوع المصور، و لكن تنظر للأمام على نفس المستوى المنخفض.
- زاوية عالية high-angle
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من أعلى المستوى الرأسي للشخص أو الموضوع المصور، و لكن تنظر من أعلى لأسفل عليه
- مستوى عالى high-level
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من أعلى المستوى الرأسي للشخص أو الموضوع المصور، و لكن تنظر للأمام على نفس المستوى العالي.
الزوايا الأفقية
مثل أحجام اللقطات عرفت الزوايا الأفقية نسبة لجسم الإنسان فهي تشرح علاقة موضع الكاميرا بالشخص المصور:
- أمامي (فاص) full-face
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من أمام وجه الشخص تماما.
- ثلاث أرباع أمامي (ترواكار) three-quarters-frontal
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من زاوية ٤٥ درجة أمام وجه الشخص.
- جانبي (بروفيل) profile/side
حيث يكون موقع تصوير اللقطة جانبي تماما لوجه الشخص بحيث يظهر نصف وجهه فقط.
- ثلاث أرباع خلفي (ترواباك) three-quarters-back
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من زاوية ٤٥ درجة خلف رأس الشخص.
- خلفي (باك) full-back
حيث يكون موقع تصوير اللقطة من خلف رأس الشخص تماما.
التكوين
التكوين هو توزيع الكتل و الأشكال و الأحجام داخل الكادر بترتيب معين يدل على معنى أو مغزى أو له قيمة جمالية في حد ذاته. الحجم و الزوايا هي أساسيات شرح اللقطة أو الكادر و لكن هناك العديد من الإعتبارات الأخرى في التكوين. اختيار تكوين الصورة هو شىء يختلف من مصور لآخر، ولكن عموما هو كيفية اختيار وتنظيم العناصر المخطلفة لتكوين الكادر بصرياً. بعض العناصر التي يمكنكم التفكير فيها هي السيمترية والملمس وعمق المجال، الخطوط الموجودة في الطبيعة التي تساعد في كيفية رؤية الأشياء ولك. تذكروا أن الكاميرا هي مجرد عين، وسيلة نستخدمها للتسجيل، ولكن الأمر متروك لنا لتحديد وإيجاد المعلومات. القيمة الجمالية للعمل مهمة، ولكن الأهم هو كيف نستخدم هذه العناصر لتوصيل الفكرة بشكل جيد. هناك بعض الارشادات يمكنها تحسين عملنا، ولكن دعونا نتذكر دائما ان بعض القوانين يمكنها ان تساعدنا، ولكننا نستطيع دائمًا خرقها.
الخلفيات
في كل الحالات تساعد خلفية الشخص أو العنصر المصور على إضفاء معنى و توصيل معلومات إضافية. بالإضافة إلى أنه في المقابلات تحديدًا تصبح الخلفيات هامة لعلاقتها في قربها أو بُعدها عن الموضوع..في تركيزها أو تشتيتها الذي يناقشه المتحدث. يفضل أن في إختيار موقع تصوير المقابلة وضع إعتبار للزاوية المصورة و الخلفيات التي قد تنتج عن هذا. على سبيل المثال إذا كان التصوير خارجي، يمكنكم جعل مبنى أو علامة مميزة خلفية الموضوع، اذا كان التصوير داخلي، يمكن استخدام صور وشعارات والخ. حاولوا اختيار خلفية لها علاقة بموضوع الفيديو/الفيلم. مثلًا المكان الذي حدثت فيه الواقعة الذي يتكلم عنها.
يجب تفقد الخلفية والتأكد انه لا يوجد شىء يشتت المتفرج من التركيز على الشخص المصور عادة تتسبب أشياء بسيطة في تشتيت بصري، مثلًا شيء يظهر كأنه يخرج من رأس الشخص المصور أو لافتة تظهر بشكل مزعج في الصورة.
تصوير البشر
أغلب تواصلنا مع الآخرين هو تواصل بصري خارج عن ما نقوله: وضعنا الجسماني، طريقة الحركة، اتجاه النظر. و لذلك هناك عدة إعتبارات عند تصوير الأشخاص: منها الأخذ بعين الإعتبار عدم وضع مفاصل بشرية على حدود الكادر بحيث تظهر أن الشخص المصور عنده قطع أو خلل جسماني. أيضاً تذكر كل مايتعلق بالحجم والزاوية و علاقتنا بالشخص المصور
خطوط النَّظَر
إذا حاولت تذكر أشخاص تعرفهم أو محادثات جرت بينك و بين شخص آخر، فإن أول ما يخطر ببالك هو عين أو نظرة الشخص الآخر. نحن كبشر نحادث بعض بالأعين. و أغلب التفاهم و التحادث هو غير منطوق. يجب تذكر هذا في التصوير كثيراً، فإذا كنت تصور شخص في مقابلة مثلًا يجب أن ترى الكاميرا عينه جيداً.
نحن كبشر أكثر ما نراه في بعضنا هو الأعين و بالتالي حين تريد أن تجعل المتفرج يتعاطف مع من تقدمه و يرى العالم من وجهة نظرة، يمكنك أن تفكر في علاقة الكاميرا بعين الشخصية، هل نراها بشكل مباشر؟ أم نرى العالم من نفس زاويتها؟ كلها أسئلة هامة للتفكير و إتخاذ الإختيار المناسب لك.
أيضاً في حالة التصوير التسجيلي أو التقريري يجب مراعاة أن تكون عين المتفرج في نفس مستوى عين المحاور، أي اختلاف ملحوظ يجعل المقابلة تبدو غير مريحة وربما أيضًا تعطى إيحاء باحساس غير مرغوب فيه. في حالة التصوير في ستوديو، يجب ضبط الكراسى بحيث يكون المحاور والضيف في نفس المستوى. المسافة بين المحاور والضيف ووضعهما تؤثر على استقبال اللقاء، مثلا عند تصوير الضيف يجلس خلف مكتب، فهذا يعطى احساس بالسلطة. أيضًا إتجاه الأعين يؤثر على تعلقنا بالمساحة و العلاقات. في الكادر المساحة التي تكون أمام عين الشخص يطلق عليها المساحة الحيوية و عادة ما تكون أكبر من المساحة التي خلفه (المساحة السلبية).
قاعدة الأثلاث (المقطع الذهبي)
هو تقسيم الصورة في ذهننا الى أثلاث أفقية لخلق كادر جيد. تطبق هذه القاعدة عندما يتوفر وقت للتخطيط للكادر عندما نكون نصور شهادة مثلاً. بعض الكاميرات بها شبكة تظهر على الشاشة يمكننا تشغيلها أثناء التصوير. تخيلوا ان الصورة مقسمة عن طريق خطين افقيين وخطين رأسيين الى٩ أجزاء متساوية، طبقًا لقاعدة الأثلاث، يجب وضع العناصر التي نقوم بتصويرها بطول هذه الخطوط وعند نقاط التقاطع.
هذا التقسيم يساعدك على تحديد مواطن الضعف و القوة في التكوين و يتيح لك إستخدام بناء الكادر التكويني بتقريب للمقطع الذهبي مما يضفي قيمة جمالية على لقطتك المصورة.
السرد البصري
تحفيز المتلقي وقدرته الإبداعية على خلق مساحه تخيليه وقدرة على السرد وتكوين قصة ورؤية شخوصها المختلفة وطبيعتهم الإجتماعيه والنفسيه وعلاقاتهم ببعضهم البعض وقدرته على وصفهم وعلي تكوين علاقات إنسانيه يراها ويستطيع سردها بدقة فيتكون لديه ملكه الحكي والرؤيا السرديه للقصص والحكايات.
موقع الكاميرا و حركتها
العديد من الكاميرات و الهواتف خفيفة جدًا مما يسهل على المصور حملها و التحرك أثناء التصوير. ينتج عن هذا أيضًا الرغبة الدائمة في تحريك يدك أثناء التصوير. يرجى تذكر تثبيت التكوينات المناسبة للموضوع المصور لفترة كافية للمشاهد أن يدرك ما يراه (نقترح دائمًا ثبات اليد تمامًا أثناء التصوير لمدة ٣٠ ثانية قبل التحرك من تكوين لآخر حتى يكون عند المصور مادة مناسبة للمونتاج و العرض).
توجد العديد من حوامل الكاميرا الصغيرة و الرخيصة و التي يمكن الاعتماد عليها بعد تجريبها و تجريب شكل الحركة عليها قبل الشراء. إذا لم يتوفر حامل للكاميرا يمكن التصوير باليد و لكن لابد من اعتبار راحة اليد و الاعتماد دائمًا على ذراعين أثناء التصوير (حتى يمكن راحة كل يد إذا تعبت).
فمثلًا بدلًا من حمل هاتفك في الهواء بيد واحدة، يمكن وضعه في مركز راحة اليد ثم لف اليد الأخرى عليه، فترتكز اليد الداخلية على الخارجية. و مثال أخرى للكاميرات الصغيرة يمكن أن تمسك من الناحيتين كل ناحية بيد، أو تمسك بإحدى اليدين و تمسك الأخرى بالذراع الحامل للكاميرا حتى تعطيه ارتكازًا أكبر و تشبه حامل الكاميرا ثلاثي الأرجل.
وجهة النظر
كل عمل يعكس وجهة نظر شخص، و هذا يكون عن طريق إختيارات متعددة مثل الزوايا و التكوينات. أيضاً طول اللقطة و عدد اللقطات قد يعطي لنا إحساس بتدخل صانعه من عدمه، و بالتالي يجب في كل مشهد و كل لقطة ان يعرف صانع العمل ماهي وجهة النظر للمشهد و اللقطة و العمل ككل و كيف ينقلها.
مبدأ التدخل الأدنى Minimum Intrusion
هو مبدأ أن صانع الفيلم هو مجرد ناقل للحقيقة و يتدخل بأقل شكل ممكن، و هو هم مستمر لكل صانعي الأفلام على مدار تاريخ السينما فدائما تظهر حركات مختلفة تسعى لإلغاء الكذب عن السينما مثل: الواقعية الجديدة في إيطاليا، الموجة الجديدة في فرنسا، السينما المباشرة في ألمانيا و كندا، دوجما ٩٥ في الدنمارك و غيرها من الحركات التي تجد في إتخاذ أساليب تصوير و إنتاج محددة طريقا للصراحة مثل: - تصوير اللقطة المستمر و تفضيلها على المشهد المقطع لأكثر من لقطة - تصوير اللقطات الثابتة و الواسعة و الابتعاد عن أي تكوين فيه تحايل ما - التصوير في الأماكن الحقيقية و عدم تغيير أي عنصر فيها - عدم إستخدام أي مؤثرات صوتية أو موسيقى تصويرية ما هو رأيك في تلك الأساليب؟ و هل تستطيع التفكير في أفكار أخرى؟
الذاتية و الموضوعية
نستطيع أن نفكر في اللقطات و علاقتها بوجهة نظر صانع العمل على أنها على متصل بين: موضوعية و محايدة للغاية من ناحية، و ذاتية و تحمل بشكل واضح وجهة نظر أحد الشخصيات أو العناصر من ناحية أخرى.
اللقطات الموضوعية، على عكس اللقطات الذاتية، لا نراها من منظور أي شخص في الحدث، ولكن من وجهة نظر مراقب. هذا المراقب المفترض، كما يوحي السرد، ليس موجودا في موقع الحدث، فمثلًا لا نرى الشخصيات تتفاعل مع الكاميرا وكأنهم لا يروها.
كلما زادت حرفية حركة الكاميرا و "ميكنتها" المحسوسة من قبل المتفرج كلما أعطت الإحساس الأكبر أن الكاميرا هي "فوق-إنسانية": في بعض الأفلام مثلاً، نرى الكاميرا تمر من زجاج أو حوائط بدون اي عوائق، ولكن هذا يتطلب مؤثرات خاصة.
اللقطات الذاتية تؤخذ من وجهة نظر ومنظور شخص ما أو شيء ما. فمثلًا نرى ما يراه أحد الشخصيات. اللقطات الذاتية تمامًا نادرًا ما تستخدم، وربما تسبب شعور بالغرابة والتوهان لدى المتفرجين، خصوصًا اذا كانت الشخصية تنظر أو تتكلم إلى الكاميرا. لهذا، تستخدم اللقطات الذاتية تمامًا عندما يرغب المخرج في خلق هذا التأثر الذي تسببه. و لكن في أغلب الأحيان تستخدم لقطة POV أو وجهة نظر التي تعطي إحساس بأنها من وجهة نظر شخص و لكنها ابعد قليلا من مستوى عينه، حيث قد يظهر صاحب وجهة النظر في اللقطة ذاتها مثلا من فوق كتفه بما يسمى ب Over the Shoulder أو بالمصري الدارج "أمورس" أو قد نرى لقطة قريبة لصاحب وجهة النظر ينظر في اتجاه ما، ثم نقطع على لقطة "محايدة" لما ينظر اليه، هي في الحقيقة تعكس وجهة نظره هو، و لكن دون أن تأخذ الكاميرا موقع و منظور عينه بالتحديد. تحديد ما هي وجهة نظر لقطتك هام جدا في خلق سرد الفيلم، مشهد بمشهد، حيث أن هذا يتحكم في علاقة المتفرج العاطفية بشخصياتك و بالأحداث.
الصراحة بين الأفلام التسجيلية و الروائية
يجب أن نعترف أن الحقيقة ليست دائمًا فقط في كل ماهو ليس روائي، يمكن للأفلام الروائية أن تكون صادقة، بينما الأفلام التسجيلية قد تكون مليئة بالأكاذيب. "الحقيقة" في الفيلم أو الفيديو هي الصراحة بالنسبة لاختيارتنا وانحيازتنا. يجب ان تكون اختياراتنا متناسبة مع أهدافنا وأن نستخدم حرفة صناعة الفيلم لتوصيل هذه الأهداف للجمهور، على أن يكون موقفنا من القضايا واضح.
توجد مقولة مشهورة في مواقع تصوير الأفلام: الكدب في السينما حلال.
الفيلم خيال: الخيال/الوهم
منذ بداية صناعة الأفلام وبدأنا بصنع الخيال، اذا عدنا في الوقت نجد ان في قدرة الفيلم على تحفيز الخيال، قدرة أيضا على خلق الوهم. و بالتالي فهذا الخيال أيضًا خلق البروباجندا: أي الإعلام الموجه الكاذب للتحكم في مشاعر شعب بأكمله. يجب ان ندرك ان الخيال يختلف عن الكذب. الخيال هو خلق علاقات بين اللقطات بحيث تعيد خلق مشاعر وأفكار ما، حتى لو لم تكن موجودة ماديًا على الشاشة.
هذه هي خطورة الأفلام، انها اذا اسيئت استخدامها يمكنها أن تخلق دعاية كاذبة ومضللة. الإعلام الرسمي يقوم بذلك طوال الوقت، بينما نحن فيجب علينا استخدام هذه الأدوات بحذر وصدق تام. مثال: انظر أي فيديو للقناة الأولى عن "البلطجية اللي في التحرير." لاحظوا كيف يستخدموا قوة الخيال ليعطوا معلومات خاطئة عن الحقيقة. كيف يمكن إعادة تركيب أو صياغة هذا الموضوع بشكل يعكس وجهة نظرنا نحن؟
الكاميرا
الكاميرا، (وأصلها القُمْرَة) هي آلة تصوير، لصور ثابتة أو متحركة (فيديو). والمصطلح «كاميرا» في اللغات الأوروبية أتى من العبارة اللاتينية «قاميرا أُبسقورا» (باللاتينية: camera obscura) وأصلها الكلمة العربية «القُمرة» والتي تعني «الغرفة المظلمة». هناك أنواع كثيرة و متنوعة من الكاميرات، و كلها لها نفس البناء و المنطق:
سطح حساس داخل صندوق مظلم << البؤرة (فتحة العدسة aperture) << المصراع (shutter) << العدسة التي تتحكم في شكل الضوء الداخل
في السنوات الأخيرة انتشرت التقنية الرقمية (digital) و ظهرت أنواع جديدة من الكاميرات الرقمية. الكاميرا الرقمية هي آلة لالتقاط الصور (المتحركة أو الثابتة) على سطح حساس إلكتروني يسمى بالمجس (sensor) و تخزينها على قرص أو شريحة ذاكرة.
الكاميرات الرقمية تتنوع من أول المدمجة الصغيرة (مثل الموجودة في معظم الهواتف النقالة) إلى الكاميرات ذات العدسة العاكسة و التي تعتبر ذات مستوى إحترافي عالي.
برغم أن التفاوت التقني كبير، إلا أن الأساسيات و الفنيات للتصوير تظل ثابتة، فا يستطيع الشخص برغم بساطة الكاميرا التي يستخدمها (كاميرا هاتف نقال مثلاً) أن يتوصل لنتيجة إحترافية و ذات قيمة جمالية و معلوماتية عالية. و لهذا يجب فهم آليات عمل الكاميرا و كيفية توصلها للصور التي تلتقطها.
التعريض
لكي يتم التقاط الصورة يجب أن تدخل كمية ضوء مناسبة عبر العدسة و البؤرة إلى السطح الحساس أو المجس. كمية الضوء الزائدة ستحرق المجس و تظهر صورة بيضاء و كمية الضوء الناقصة لن تكفي لالتقاط الصورة و ستظهر صورة سوداء. التعريض هو فعل إدخال كمية من اللضوء إلى داخل جسم الكاميرا و على السطح الحساس.
التعريض الصحيح هو إدخال كمية الضوء المناسبة لا أكثر ولا أقل لالتقاط الصورة المطلوب التقاطها بكافة تفاصيلها.
في أي صورة سيتواجد تنوع من القياسات للتعريض (مثلًا الخلفية قد تكون مضيئة أكثر من الشخص المصور في التصوير نهارًا بالشارع)، لابد من تعريف التعريض الصحيح طبقًا للموضوع المصور لالتقاط العنصر المراد التقاطه بشكل سليم في الصورة.
لقياس التعريض إعتمد المصورين على تعريف وحدة سابقة إسمها "ستوب" و هي وحدة ضوء قياسية يقاس على أساسها كل العناصر المؤثرة في التعريض. و بالتالي الفارق بين الظل و النور يقاس بعدد (س) ستوب. يتم التحكم في الكاميرا عبر العناصر التالية لتقليل أو زيادة التعريض للعدد المرغوب من ال"ستوب."
لكل سطح حساس، خام أو مجس إلكتروني، مساحة من عدد معين من ال"ستوب" يستطيع إظهارها قبل الذهاب للأبيض أو للأسود. هذه المساحة تسمى "المدى" (latitude).
المحددات التالية هي المؤثرة في التعريض، و لكن ليس بإمكانك التحكم بها في كل الكاميرات. و عادة ما تكون تلقائية\أوتوماتية (خارج تحكم المستخدم) في الكاميرات المدمجة الصغيرة و كاميرات الهواتف النقالة هي:
درجة حساسية السطح الحساس (ISO)
السطح الحساس سواء أن كان فيلم كيميائي في الكاميرات القديمة أو مُتَحسِّس إلكتروني في الكاميرات الرقمية الحديثة و الهواتف، هو سطح له حساسية تسمى ISO و لها درجة عادة من 100 إلى 3200 أو أعلى.
كلما قل الرقم الخاص بالحساسية (رقم الISO) كلما قلت حساسية السطح و انخفض التعريض. فدرجة الحساسية 100 هي أقل حساسية عادة (إلا في كاميرات متخصصة ليست في متناول الجميع)، و بالتالي هي أنسب للتصوير الخارجي نهارًا حيث تكون الشمس الساطعة. و كلما إزدادت درجة الحساسية (رقم ISO) زادت حساسية السطح و زاد التعريض. فالحساسية بدرجة 1600 هي من الحساسيات العالية، و بالتالي هي قد تكون مناسبة في التصوير الليلي حيث لا توجد إضاءة ولا توجد بدائل أخرى لالتقاط الصورة.
من أول رقم 100، كل مضاعفة تساوي في التعريض إزدياد بمقدار ستوب واحد. أي أن الحساسية 200 ستدخل ضعف مقدار الضوء الذي ستدخله حساسية 100، و حساسية 400 ستُدخل ضعف 200، الخ. أي أنه الحساسية 1600 هي أعلى من حساسية 100 بمقدار 4 ستوب فقط.
توجد تأثيرات أخرى بجانب خفض أو رفع التعريض في زيادة أو تقليل حساسية السطح. و هي:
- المدى
كلما ارتفعت حساسية السطح قلّ المدى (أي صغرت المساحة الممكن بداخلها التعريض الصحيح) فمثلًا حساسية 100 عادة ما يكون بها مدى من 4 أو 5 ستوب، و لكن حساسية 1600 لا ترى إلا ستوب واحد أو إثنين، كل ما عداهما يذهب للأسود أو الأبيض مباشرة.
- الضوضاء الإلكترونية
يعمل المتحسس ساسية بمرور شحنات عبر التسخين الإلكتروني للمجس، هذا يجعله يرتفع في قدرته على التعريض و لكن في نفس الوقت يزيد الشوشرة الإلكترونية الناتجة عن هذا التسخين.
- دقة التفاصيل
كنتيجة لإظهار الشوشرة، مع ارتفاع حساسية السطح تقل الدقة في التفاصيل.
- تباين الألوان
قدرة السطح على إظهار الألوان المختلفة لها علاقة بقدرته على قراءة درجات مختلفة من الإضاءة، مع تقليل المدى، تتحول الألوان تدريجيًا لدرجات مشابهة و يقل التباين اللوني.
- تباين الإضاءة (contrast)
بسبب تقليل المدى و زيادة الأسود و الأبيض، يزداد تباين الإضاءة بشكل كبير كلما ارتفعت حساسية السطح.
سرعة المصراع (shutter speed)
المصراع هو الحاجز الذي يفتح لإدخال أشعة الضوء لفترة محددة من الوقت. كلما طال هذا الوقت كلما دخل ضوء أكثر و ارتفع التعريض و كلما قصر هذا الوقت كلما دخل ضوء أقل و انخفض التعريض.
سرعة المصراع هو الوقت الذي يقضيه مفتوحًا ليدخل الضوء إلى جسم الكاميرا و حتى يصل للسطح الحساس.
تقاس سرعة المصراع بوحدة زمنية جزءا من الثانية: 1/25 أو 1/50 أو 1/100 أو 1/125 أو 1/250 أو 1/500 إلخ. و لكن للاختصار يذكر فقط رقم المقام من الكسر أي: 25 أو 50 أو 100 أو 125 أو 250 أو 500 أو 1000 إلخ.
كلما زادت سرعة المصراع قلت الفترة الزمنية لدخول الضوء للكاميرا و قلّ التعريض. كلما قلّت سرعة المصراع زادت الفترة الزمنية لدخول الضوء الكاميرا و كلما ارتفع التعريض.
أساس سرعة المصراع في الصور المتحركة هي سرعة التقاط الصور المتحركة نفسها. ففي منطقتنا السرعة الرقمية المتعارف عليها هي 25 كادر في الثانية (على نظام الفيديو بال). و بالتالي أبطأ سرعة ممكنة في التصوير الفيلمي هي 1/25 من الثانية. توجد مناطق أخرى يشيع فيها التصوير بسرعة 30 كادر في الثانية (نظام الفيديو ن-ت-س-ث)، و بالتالي لهذه الكاميرات أبطأ سرعة ممكنة هي 1/30 من الثانية.
توجد محددات أخرى نأخذها في الحسبان بجانب الرغبة في زيادة أو تقليل التعريض عند تحديد سرعة المصراع:
- حدة الحركة
إذا عرض السطح الحساس للضوء لفترة أطول سيدخل تعريض أكثر من صورة على كادر واحد مما سيظهر أي هزات كعدم دقة للتفاصيل و حدة للحركة.
فتحة البؤرة (فتحة العدسة)
الضوء الداخل إلى الكاميرا يمر بعد العدسة من خلال البؤرة التي تسمح بدخوله للجسم المظلم. هذه البؤرة ذات عرض متغير، يمكن فتحها لإدخال ضوء أكثر أو غلقها لإدخال ضوء أقل.
برغم أن هذه البؤرة هي نظريًا جزء من الكاميرا ولا تخص الأجزاء البصرية للعدسة، إلا أنه تصنيعيًا أصبحت جزء من العدسة، مما جعل اللقب الشعبي لها "فتحة العدسة." أيضًا أصبحت العدسات المختلفة لها فتحات مختلفة و تتفاوت في السعر لجودة زجاجها أو لسعة الفتح الخاصة ببؤرتها.
بسبب تأثير فتحة البؤرة على التعريض، أصبح دارجًا تسميتها أيضًا "سرعة العدسة" لإختلافها عن سرعة المصراع. لأن العدسات بفتحات بؤرة واسعة تحتاج لوقت أقل للتعريض و هي بالتالي عدسات "سريعة." و كلما كانت العدسة أكثر قدرةً على فتحات واسعة جدًا كلما كانت أكثر إفادة في التصوير و أغلى سعراً.
تقاس فتحات البؤرة بأرقام نسبية (البعد البؤري على قطر البؤرة) تلك الأرقام تسمى بال "ف-ستوب". عادة ما تبدأ الأرقام ب 1.4 ثم 2 ثم 2.8 ثم 4 ثم 5.6 ثم 8 ثم 11 ثم 16 ثم 22. الفارق بين كل رقم من هؤلاء هو وحدة ضوئية "ستوب" واحدة. يوجد قدرة لبعض العدسات أن تتعامل بوحدات في منتصف الفتحة (مثلًا 3.4 بين 2.8 و 4).
كلما صغر الرقم كلما إزدادت البؤرة إنفتاحًا و بالتالي أدخلت ضوءًا أكثر، و كلما كبر الرقم كلما قل إنفتاح البؤرة و بالتالي أدخلت نورًا أقل.
العدسات
قبل دخول أشعة الضوء عبر البؤرة ليتم تشكيل الصورة على السطح الحساس، تمر من خلال عدسة لتشكيل أبعاد و جوانب تلك الصورة.
تقاس تلك العدسات و تعرف بأرقام تسمى "البعد البؤري."
تلك الأرقام تدل على وسع أو ضيق زاوية الرؤية. عادة ما تبدأ من 8 أو9 و حتى 700. كلما قل البعد البؤري كلما دل على وسع الزاوية المصورة (على سبيل المثال أوسع عدسة هي العين السحرية الموجودة في أبواب المنازل عادة ما تكون عدسة 6.7). كلما زاد البعد البؤري كلما دل على ضيق الزاوية المصورة (على سبيل المثال لتصوير عناصر بعيدة جدًا عن موقع الكاميرا تستخدم عدسات أرقام 200 أو أعلى لإظهار تفصيل ضيق جداً).
و تنقسم العدسات إلى ثلاث فئات:
- العدسات المتوسطة (normal lens)
- هي عدسات تظهر العناصر في الصورة بشكل متوسط مثل ما يدركه العقل في الرؤية. أي تقريبًا تشبه ما نراه بأعيننا، لا تظهر تفاصيل ضيقة جدًا أو وجهات واسعة جداً.
- العدسات الواسعة (wide angle lens)
- هي عدسات تظهر زاوية رؤية أوسع مما قد تدركه العين.
- العدسات الضيقة (telephoto lens)
- هي عدسات تظهر زاوية أضيق مما قد تدركه العين.
في العديد من الكاميرات الصغيرة و المدمجة ترى أزرار W و T للدلالة على أي عدسة ستستخدم عندما تغير البعد البؤري لكي تذهب لعدسة أوسع أو أضيق.
- الزووم
- العدسة الزووم هي عدسة متغيرة البعد البؤري، بحيث تذهب من عدسة واسعة لعدسة ضيقة و العكس.
- الزووم الرقمي Digital Zoom
- بعض الكاميرات تستعيض عن عدسة الزووم بتكبير إلكتروني للصورة (معظم الزووم في الهواتف الكتروني و ليس بصري عبر العدسات)، هذا لا يعطي نفس النتيجة لأنه يجري بطريق عمل خوارزميات بصرية متخصصة على استكمال التفاصيل التي كانت ستظهر في الصورة لو كانت التقطت بتكبير أكثر أو بزوم أكبر، و ذلك بطريق الاستنباط، و لهذا فجودتها تعتمد على جودة الخوارزمية المستخدمة و تطبيقها، كما أنها لكونها تخمينات فإنها لا يمكن أن تكون مطابقة للتفاصيل الفعلية في المشهد المصوّر، للتفرقة بين الزووم الرقمي و الزووم البصري بالعدسات يتم تعريفهم على الكاميرات بأساميهم Optical Zoom و Digital Zoom.
يفضل، للحفاظ على مستوى جودة الصورة عدم تشغيل الزووم الرقمي و الاعتماد فقط على الزووم البصري.
اختيار العدسة و التعامل معها يحدد و يتفاعل مع خصائص بصرية أخرى غير البعد و القرب هي:
- البؤرة (focus):
عندما يكون موضع الجسم موضوع التصوير على بعد من العدسة يساوي البعد البؤري للعدسة، تكون الصورة المتكونة لذلك الجسم خلف العدسة واضحة المعالم و دقيقة التفاصيل. لعدسات و كاميرات كثيرة القدرة على تحريك البؤرة (focus) من مكان لآخر لكي يختار المصور أي من العناصر يريد رؤيتها بوضوح.
البؤرة أو الفوكس (focus) يحدد بالأمتار أو الأقدام بعدًا من الكاميرا، فيمكن ضبطه مثلًا لكي يلتقط بوضوح كل العناصر التي على بعد عدد معين من الأمتار من الكاميرا.
البؤرة عنصر متغير يتأثر بمعطيات مختلفة و قد تكون قدرة ضبطه ميكانيكية عن طريق حلقة تدير العدسة و تغير بؤرتها، أو الكترونية (مثل العديد من الهواتف النقالة الحديثة) عن طريق تحديد العناصر الهامة في الصورة و تقوم الكاميرا بتغيير البؤرة بنفسها، أو تلقائية بحيث لا تسمح الكاميرا للمستخدم بالتحكم فيها و لكن تقوم بالضبط بنفسها.
- الحد الأدنى للبؤرة (minimum distance):
لكل العدسات هناك حد أدنى لتغيير البؤرة، لا يمكن إظهار العنصر بوضوح تحتها. أي أنه لا يمكن ضبط البؤرة لإظهار عنصر مصور قريبًا من العدسة بشكل كبير. هذا يسمى بالحد الأدنى للمسافة (minimum distance). هذا الحد الأدنى يختلف من عدسة لأخرى و لكنه غير قابل للتعديل في العدسة الواحدة.
بنسبة كبيرة كلما زاد البعد البؤري للعدسة (أقرب للعدسات الضيقة) كلما طال الحد الأدنى للمسافة و أصبح لا يمكن التقاط العناصر القريبة من العدسة، و كلما قل البعد البؤري للعدسة (أقرب للعدسات الواسعة) كلما قصر الحد الأدنى للمسافة و أصبح يمكن التقاط العناصر القريبة من العدسة.
- عمق المجال (depth of field):
مدى وسع أو ضيق المسافة (التي تقاس بالأمتار أو الأقدام بعدًا من الكاميرا) التي يمكن رؤيتها بوضوح تسمى بعمق المجال.
عمق المجال هو المسافة من نقطة لنقطة أخرى التي تظهر كاملةً بشكل واضح في الصورة. كل ماهو أقرب من هذه المسافة أو أبعد منها للكاميرا يظهر بشكل غير واضح.
مثل البؤرة، فعمق المجال محدد متغير يتأثر بمعطيات مختلفة أولها نوع العدسة. فالعدسات الضيقة لها عمق مجال ضيق قد يصل لسنتيمترات فقط من الصورة الواضحة و كل ماعدا ذلك غير واضح. و العدسات الواسعة لها عمق مجال واسع قد يصل لكيلومترات من الصورة الواضحة.
المُحدد الآخر الذي يؤثر في عمق المجال هو فتحة البؤرة (aperture) فكلما ضاقت الفتحة (أي ارتفع رقمها) كلما طال عمق المجال، و كلما وسعت الفتحة (أي انخفض رقمها) كلما قصر عمق المجال.
- المنظور:
العدسات أيضًا تغير في المنظور المُصَوَّر:
العدسات المتوسطة تظهر المنظور بشكل طبيعي. العدسات الضيقة تضغط المنظور في العمق بينما تبعد العناصر عن بعض أفقياً. أي أنها تظهر الأبعاد بين بعضها أقرب مما هي في الحقيقة. على سبيل المثال تستخدم لتصوير لقطات للوجوه و الممثلين لأنها لا تبالغ في نسب عناصر الوجه بل تقلل منها.
العدسات الواسعة توسع المنظور في العمق بينما تقرب العناصر عن بعض أفقياً. أي أنها تظهر الأبعاد بين بعضها أبعد مما هي في الحقيقة. على سبيل المثال تستخدم لتصوير لقطات لغرف الفنادق لأنها تبالغ في المنظور و تظهر الغرف أوسع مما هي عليه في الحقيقة.
التوازن اللوني (White Balance)
لا يعي الكثير منا هذا، و لكن لأشعة الضوء تأثير كبير على لونية ما نراه. فإذا كان مصدر الضوء لونه مائل للإصفرار (مثل اللمبات المنزلية) فكل ما نراه تتغير ألوانه للأصفر. و إذا كان مصدر الضوء مائل للأزرق (مثل ضوء النهار) فكل ما نراه تتغير ألوانه للأزرق.
عندما نرى ذلك بأعيننا يقوم العقل بتحليل الصورة و تغييرها لندرك الألوان التي نراها بمنطقها الصحيح، بدون تأثير مصدر الضوء. أما بما أن الكاميرات ليس بها عقل يستطيع تحليل و تغيير ما تلتقطه لألوانه المنطقية فهي بها خاصية تسمح للمستخدم البشري ضبط الألوان لكي تناسب الموقف المصور. و تسمى هذه الخاصية بالتوازن اللوني أو وزن الأبيض.
يتم قياس التوازن اللوني بمقياس حرارة مصدر الضوء باستخدام وحدة كِلفِن(Kelvin (K. كلما زاد رقم الكِلفِن كلما أصبح الضوء أكثر زُرقة (مثل النار) و كلما قل رقم الكِلفِن أصبح الضوء أكثر إحمراراً.
و أصبح المتوقع أن تقريبًا حرارة ضوء الشمس (أي درجتها اللونية) في الأيام العادية: ٥٦٠٠ كلفِن و أن تقريبًا حرارة ضوء اللمبات العادية (أي درجتها اللونية) و التي تعتبر المصدر الرئيسي للإضاءة ليلاً: ٣٢٠٠ كلفِن.
في الكاميرات الرقمية يمكنك تغير هذه الخاصية سواء لأحد إختيارات لونية معدة مسبقًا أو لدرجة لونية تحددها بنفسك. عادة ما يكون رمز هذه الخاصية WB و يكون بها عدة علامات تدل على مصدر الضوء المستخدم:
علامة الشمس تدل على ضوء النهار. فاعلى عكس توقعاتنا فإن النهار لونية أضواءه زرقاء بسبب علو درجتها اللونية. هذا الإختيار يعد الكاميرا لتستعيض عن اللون الأزرق بدرجة ٥٦٠٠ كِلفِن و تستبدله باللون الأحمر. علامة اللمبة تدل على الضوء الصناعي و الذي عادة ما يكون مائل للإحمرار. هذا الإختيار يعد الكاميرا لتستعيض عن اللون الأحمر بدرجة ٣٢٠٠ كِلفِن و تستبدله باللون الأزرق. العلامات الأخرى هي لسيناريوات لونية مختلفة و تتغير من كاميرا لأخرى، و تستطيع فهمها الآن.
بعض الكاميرات تسمح لك بضبط الدرجة اللونية المناسبة من خلال القائمة، و بالتالي تستطيع أن تختار رقم الكِلفِن المناسب للدرجة اللونية للضوء في الصورة.
العديد من الكاميرات الرقمية بها اختيار ضبط على أساس اللون الأبيض. و فكرته أن تظهر للكاميرا أين هو اللون الأبيض في موقع التصوير، بما عليه من تأثير لوني من مصدر الإضاءة، فتعادل الكاميرا هذا التأثير لتعيد الأبيض للونه المحايد و على أساس هذه المعادلة تحسب مدى تأثير مصدر الإضاءة اللوني على الألوان الأخرى و تعادلها أيضاً.
هذه هي بعض قوائم من كاميرات متعددة:
لضبط التوازن اللوني
بهذه الطريقة إتبع هذه الخطوات:
- تضع أمام الكاميرا و بشكل واضح ورقة بيضاء نظيفة لتملأ الكادر المصور كاملاً، في نفس الوقت تكون متأثرة بكل عوامل الإضاءة التي تعتمد عليها في التصوير (تضعها في مرمى من ضوء اللمبة المستخدمة على سبيل المثال)
إذهب لنفس قائمة WB السابقة و لكن الذهاب لإختيار علامة التحديد اليدوي Custom أو Manual:
- إضغط على هذه العلامة مرة، ستسألك الكاميرا لتوجيهها نحو الأبيض
تأكد من ثبات يدك بالورقة و الكاميرا ثم إضغط على التأكيد و إنتظر الكاميرا حتى تعيد حساب ألوان الصورة كاملةً.
للتسلية: بعد قدرتك على فهم كيفية التحكم بلونية الكاميرا و التحايل عليها يمكنك تحويل الألوان لمثلًا محايدة اللون البنفسجي ليظهر كل العناصر باللون الأخضر .
مَيز الصورة (resolution)
الصورة الرقمية هي مجموعة من النقاط لها خصائص، مثل اللون و درجة السطوع، مصفوفة بالترتيب بحيث تمكن الدلالة على حجم الكادر المصور بعدد نقاط الطول في عدد نقاط العرض. كلما زاد عدد النقاط كلما زادت التفاصيل في الصورة و ارتفع المَيز (resolution)، و كلما قل عدد النقاط قلت التفاصيل في الصورة و انخفض المَيز. إي أن "المَيْز" هو درجة التمييز بين التفاصيل الدقيقة للصورة. في الصور ذات الميز المنخفض تندمج الأشكال و الألوان فيما حولها و تنتج مناطق ضبابية غير محددة الملامح تجمع بين الخصائص البصرية للأجسام و الألوان التي فيها، بلا تمييز بينها.
النقطة الواحدة كمكون للصورة تسمى "العنصورة" (نحتا من "عنصر-صورة" و تقابلها في الإنجليزية pixel نحتا من picture-element). بزيادة العنصورات الممثلة للصورة، أي بازدياد المعلومات المعبّرة عن الصورة، يزداد مَيْزُها، و كذلك يزداد حجم الذاكرة المطلوبة لحفظها رقميا، و يظهر ذلك في كَبر أحجام الملفات الحاسوبية.
تنتظم مصفوفة النقاط هذه في صفوف و أعمدة. و عادة ما يشار إلى ميز الصورة بعدد الصفوف (الخطوط الأفقية) التي تحويها (أي 1080 أو 720 الخ).
إذا رقمنا الخطوط الأفقية تكون خطوط فردية (الخط الأول و الثالث و الخامس الخ) و أخرى زوجية (الخط الثاني و الرابع و السادس الخ). مجموع الخطوط الفردية داخل الكادر يسمى بالحقل الفردي أو العلوي (Odd/Upper Field) و مجموع الخطوط الزوجية يسمى بالحقل الزوجي أو السفلي (Even/Lower Field).
بعض كاميرات الفيديو تسجّل كل كادر كاملا و يسمى هذا الطور في التسجيل "المسح المتوالي" (Progressive) أما كاميرات أخرى فهي تسجل الخطوط الفردية وحدها ثم الخطوط الزوجية ثم الفردية مرة أخرى و هكذا دواليك، و يسمى هذا الطور "المسح المتداخل" (Interlaced)
الفارق بين طوري المسح يفرق في قدرة الكاميرا على إستيعاب البيانات. فالمسح المتداخل يسجل فقط نصف الكادر في اللحظة و بالتالي حجم الملف يكون أصغر و أسهل على الكاميرا في التسجيل و النقل. في نفس الوقت يؤثر في نعومة الحركة و الكادرات فالمسح التقدمي يسجل كادرات كاملة و واضحة و بالتالي أفضل دقة.
عادة تكون لكل كاميرا ميز و بعد واحد ثابت لتسجيل الصور لا يمكن تغييره، و لكن توجد كاميرات بها بعض الإختيارات. المهم معرفة أي ميز و أي أبعاد حجم و طور التسجيل الخاصة بالكاميرا التي نستخدمها حتى نعلم مواصفات المادة المصورة.
بعض الميوز الشائعة:
- 720x567 الحجم المعاصر للتصوير التليفزيوني القياسي Standard Definition بنظام PAL
- 1280x720 الحجم الشائع للكادر العريض و يستخدم مثيرًا على يوتيوب
- 1920x1080 الحجم القياسي للتصوير عالي الجودة High Definition
إذا كانت الكاميرا التي تستخدمها تسمح بالتحكم في هذه العناصر فهي تعطيك مسؤولية الإختيار. أما إذا لا، لا تقلق و تذكر أن الفارق بين الصورة الجيدة و الصورة السيئة هو الإختيار و التكوين الفني و ليس حجم بيانات الكاميرا.
الصوت
أنواع الصوت للصورة
نستطيع أن نبسط تقسيم أنواع الصوت في الأفلام إلى قسمين:
- أصوات من داخل موقع التصوير diagetic sounds:
و هذه الأصوات قد تكون مرغوبة أو غير مرغوبة بمعنى أن بعضها: مثل صوت مروحة السقف أو الأزيز الخاص بالإضاءة الفلورسنت لا نريده و نفضل استبعاده، بينما البعض الأخر اثناء التصوير نريد التقاطه: أهمه طبعا هو الحوار و حديث الشخصيات الأساسي و أيضاً الأصوات الأخرى مثل صوت فتح الباب و غلقه أو صوت المطر و أصوات العناصر المحيطة التي نراها في الصورة و تساهم في جعل المشاهد جزء من الحدث عند إعادة عرض ما تم تصويره و تسجيله. عادة مانسجل لكل موقع تصوير عدة دقائق من صوت المكان فقط على ملف وحده.
- أصوات من خارج موقع التصوير non-diagetic sounds:
و هي أصوات تركب بعد ذلك إما لإضافة معلومات أو معنى أو للإيحاء بجو معين أو للتفسير أو للتأكيد على معاني الفيلم. و قد تكون أي شئ مثل: التعليق الصوتي - مؤثرات توحي بأنها من المكان - مؤثرات خارجية - موسيقى. أثناء عملك على تحضير تسجيل الصوت لعملك يجب أن تسأل نفسك هذه الأسئلة هل هناك فارق إذا كنت تصور مشهدا لفيلم رعب مثلا أو كوميدي في الأصوات من داخل موقع التصوير التي تلتقطها؟ لماذا؟ أمثلة؟
ماهي الأماكن التي ستصور فيها؟ ماهي أصواتها؟ ماهي الأصوات التي تساهم في شكل العمل الذي إخترته؟ ماهي الأصوات التي يجب ان تتجنبها؟ كيف يمكن أن تتجنب تلك الأصوات؟
وجهة السمع
الصوت ليس مثل الصورة. الكاميرا تحدد ما تراه، و لكن الصوت يسجل كل ما يسمع، قريبًا أو بعيد. و لهذا لابد دائمًا من أن نضع في إعتبارنا تسجيل النقي للصوت المطلوب دونًا عن غيره. هذه الفكرة البسيطة تسمى ب"وجهة السمع" Point Of Hearing
لابد من وضع وجهة السمع الجيدة في الاعتبار دائماً، فالتصوير الجيد غير ذات قيمة إن لم نسمع ما يقوله الشخص.
تسجيل الصوت
تسجيل الصوت بميكروفون الكاميرا
العديد من الكاميرات المدمجة و الهواتف تسجل الصوت بميكروفون داخلي. هذا ليس أفضل الاختيارات جودة و نقاء و لكنه له مزايا أخرى مثل سهولة الإدارة و عدم الإحتياج لشخص إضافي للتسجيل، فهي تأخذ وقتًا أقل للضبط.
يمكنكم الحصول على جودة معقولة و مقبولة جدًا إذا راعيتم اقتراب الكاميرا أو الهاتف مسافة كافية من الشخص لالتقاط صوته بشكل جيد. و الإبتعاد عن عناصر صوتها عالي (قطار - ماكينات - ضوضاء سوق أو سيارات - الخ). يمكنكم أيضًا الطلب من الشخص أن يرفع صوته بشكل معقول لتضمنوا تسجيل كافة ما يقال.
تسجيل الصوت بميكروفون خارجي
إذا كنت تسجل بميكروفون خارجي لابد أن تتعرف على أنواع الميكروفونات. لكل ميكروفون زاوية التقاط و نطاق حيوي يسجله أفضل مما دونه، هذا لا يمنع الأصوات العالية من خارج هذا النطاق حيث أن الصوت لا يمكن التحكم به و تحديده.
- الميكروفون الخطي Shotgun Microphone
هذا الميكروفون يسجل في إتجاه شريحته للأمام فقط. و عادة ما تكون له زاوية ضيقة يرمز لها بالخط (|)، و زاوية أوسع يرمز لها بالخط المكسور (\). كل ما يخرج عن هذه الزاوية ينخفض كثيرًا في مستواه الصوتي.
- الميكروفون الحيوي Dynamic Microphone
و هذا هو النوع الأكثر شيوعًا في الحفلات و البرامج التليفزيونية. و شريحته حيوية و ضيقة جدًا تسجل فقط أقرب صوت إليها و تخفض كل الأصوات الأبعد، لهذا يفضله الكثير من الذين يصورون في الشارع. عيبه الوحيد أنه لابد من إقترابه كثيرًا من فم المتحدث و إلا لن يسجل الصوت جيداً، لهذا ترى المذيعين في البرامج يدفعون به في فم المتحدث.
- الميكروفون المكثِّف Condenser Microphone
و هو زاويته شبه دائرية (عادة ما يكون نطاقه الحيوي بشكل ٨ و لكن هناك تنويعات أيضاً) و يسجل كل الأصوات المحيطة بشكل متساوي و يكثفها للتوصل لنفس المستوى. و هو مناسب لتصوير الأحداث التي ليس بها متحدث واحد واضح (مظاهرة مثلاً) لأنه يسجل أفضل نتيجة لكل المعطيات الصوتية المحيطة.
توجد أنواع أخرى كثيرة من الميكروفونات و لكن هذه الأنواع الأساسية، الأهم هو معرفة النوع المستخدم أيًا كان و زاويته و نطاقه الحيوي.
عبر فهمك لزاوية الميكروفون تستطيع تحديد الأصوات المرغوبة في موقع التصوير و إيجاد أفضل موقع و توجيه لتسجيلها.
السرد
الفكرة
الفكرة هي أصل وبداية كل مشروع سواء كان لفيلم روائي أو تسجيلي أو كل أنواع الميديا المختلفة، الفكرة هي أول نقطة في بداية السرد أو الحكي، وقد تأتي الفكرة من عدة مصادر مثل:
- موقف من المواقف الحياتية والشخصية التي نمر بها أو نراها على مدار يومنا وتؤثر في نفس الكاتب ويجعل من هذا الموقف النواة الأولي لبداية فكرته وميلادها.
- أو من شخصية تؤثر في عقل الكاتب وتزيد من شغفه وتخاطب كل وجدانه وتجعله يريد صنع فيلما عنها وتكون تلك الشخصية لها مميزات وصفات تجعل منها شخصية مثيره تجعل من الكاتب يفعل ما في جهده من أجل أن يستطيع أن يجعل هذا الشغف الذي أصابه يصيب نفس وروح المتلقي آيضا.
- أو من خبر صحفي في جريدة.
- أو من قناعة ايديولوجية أو فكرية معينة يحاول صانع الفيلم أن يحولها لشريط مصور.
- سيره شخصية وعائلية لشخصيات مقربة من الكاتب.
- عمل أدبي أو رواية تؤثر في نفس قارئها ويرغب في رؤيتها في شكل مصور.
- قصيدة شعرية قد تجلب عند قراءتها حالة فنية وفكرة لفيلم.
- فترة زمنية قديمة تظهر في قراءة أو صورة فوتوغرافية فتخلق حالة من النوستالجيا والحنين لها ولشكل الحياة بها فتجلب فكرة فنية.
- أحد الأماكن التي يزورها الشخص شاطئ أو منزل قديم أو غيره قد تؤثر فيه بطبيعتها وشكلها.
علاقة الفكرة و تطويرها بالواقع المحيط
لأن الأنسان دائما مايتفاعل مع واقعه ومع ماحوله من مختلف الأحداث والمواقف فتكون أغلب الأفكار تأتي من الأحداث الحقيقية لأنها أول شئ يؤثر في الأنسان ويدفعه للتساؤل. لذلك فهو يستقي من الواقع الأفكار والشخصيات المقربة والتي يراها بعينه ويعمل على تطويرها وتنسيقها بإضافة تفاصيل من خياله إلى الوقائع الحقيقية، فتبدأ عملية إعادة حكي القصة ولكن بإضافة ماهو متخيل إلى ماهو حقيقي وواقعي في عملية تطوير تلك الفكرة.
حتى عندما تكون الفكرة وليدة الخيال وليس لها أصل ووجود حقيقي في الواقع، فعند عملية تطوير الفكرة وتنميتها لا يستطيع صانع العمل الفني أن يفصل تجاربه الشخصية والحياتية عن الفكرة. لأن كل تجاربه تلك تكون مادة خصبة تجعله يستقيها ويضيف منها تفاصيل حقيقية لما هو في الأصل متخيل فتنشأ حالة مركبة بإضافة التفاصيل الحقيقية للفكرة وليدة الخيال. لذلك فالتجارب الشخصية والحياتية والقراءات المختلفة وغيرها منبع اساسي للأفكار.
تلك الحالة ليست في الأفلام الروائية فقط إنما أيضا في الأفلام التسجيلية. فأوقات ما يتم نقل الأشياء والأماكن كما هي ولكن يجد صانع الفيلم نفسه في حاجة إلى مساحة من التحايل وتغيير الأماكن والأشخاص في أسلوب الحكي وطريقته. أصبحنا نرى في الفيلم التسجيلي مساحة من التمثيل أو إعاده تمثيل بعض المشاهد لتجميل وتنسيق فكرته الفنية وأوقات تكون تلك المشاهد لم تحدث بتلك الطريقة ولكن إعاده تمثيلها تجعلها تكثف الأفكار بشكل أوضح من طريقة حدوثها في الواقع. ملحوظة: تذكر ما ذكرناه سابقاً عن الإنحيازات الذاتية و العمل الموضوعي.
على ملتقط الأفكار أن يفكر كثيرا وأن يتأمل بمجرد أن يملاءه الشغف تجاه شخصية أو موقف من المواقف أن يبدأ في طرح الأسئلة على نفسه حول تلك الفكرة أو الشخصية والي أين ستأخذه في التطوير وما الذي يجذبه إليها بتلك القوة وماذا يريد منها وكيف يراها ويتفاعل معها وما كيف يستطيع أن يجعل أحساسه وشغفه وعاطفته تجاه تلك الشخصية أو الموقف يصل إلى المتلقي ويشعر بما يشعر به هو. فعلي سبيل المثال هناك الكثير من الأعمال المستوحاة من نماذج حقيقية.
مثال: اللص و الكلاب:
عمل مثل اللص والكلاب هو في الأصل عبارة عن قصة حقيقية ظلت تشغل الرأي العام لفترة طويلة على صفحات الجرائد لذلك المجرم الذي خرج من السجن ليقتل عشيقته وزوجها ويدخل في صراع مع الشرطة ويجلب تعاطف شريحة كبيرة من الجمهور مع هذا المجرم، فمجرد خبر في جورنال حرك خيال الأديب نجيب محفوظ ليستوحي هذه الحادثة ليحولها إلى رواية يضيف عليها مساحة ودمج مابين ماهو حقيقي وماهو متخيل وينشئ داخلها صراعات مجتمعية أبعد وأعلى من القصة الحقيقية وتتحول بعد ذلك إلى عمل أدبي رفيع المستوي ثم عمل فني سينمائي، وغيرها من الأفكار والأحداث والشخصيات (ريا وسكينه وخط الصعيد ...الخ).
مثال: المومياء:
فيلم المومياء للمخرج شادي عبد السلام أستوحى فكرته من حادثة حقيقية في أواخر القرن التاسع عشر عن قبيلة الحربات في صعيد مصر التي تعمل في بيع الأثار و رأى فيها مفارقة تلخص أزمة الهوية المصرية في بدايات القرن العشرين، جعل من تلك القصة تحمل فكرته ليُخرج لنا عملا فنيا بديعا، هناك نماذج أخرى عديدة إجتماعية وليس لها علاقة بالجريمة كالسير الذاتية لشخصيات تحمل مقدارا من الشهرة في شتى المجالات الفنية والسياسية.
أخيراً الفكرة لا تساوى شيئا دون تطوير، و هذا ما سنتعرض له في الجلسات المقبلة.
تطوير الفكرة
البحث
أول خطوة لتطوير كل فكرة هو إجراء عملية البحث فعلى صانع الفيلم أن يبدأ في طرح مجموعة من الأسئلة المختلفة على نفسه وهذه الأسئلة هي ماتجعله يبدأ رحلة تطوير فكرته. وتكون الأسئلة حول ثلاث محاور: الشخصيات الأساسية - المكان - الزمان)
الشخصيات الأساسية:
- من شخصيات الفكرة المراد تطويرها؟
- طبائع الشخصيات ودائرة حياتهم ومشاكلهم اليومية.
- العلاقات بين الشخصيات ومقدار تأثير كل منها على الأخرى.
- علاقة الشخصيات بزمانهم ومقدار تعاملهم معه.
- علاقة الشخصيات والدراما والمشاكل التي تجعل الشخصيات تصطدم أو تتوافق مع بعضها البعض.
- علاقة الشخصيات بالمكان المتواجدين فيه وطبيعته.
المكان:
- ماطبيعة وشكل المكان المتواجد فيه الشخصيات.
- ماعلاقة الشخصيات بالمكان من حيث التفاعل والتناغم معه.
- الى أي مدى يؤثر المكان على الشخصيات سواء سلبا أو ايجابا.
الزمان:
- مازمن الشخصيات الفعلي الذي تعيش فيه.
- ما مقدار تأثير مرور الزمن على تغييرات الشخصيات والمكان سويا.
- ما مقدار تفاعل الشخصيات ورضاهم عن الزمن وتعاملهم مع تقلباته.
وكل هذه الأسئلة ما تجعل الكاتب يحاول الوصول إلى أجوبة عنها تجعله يبدأ عملية خلق فكرته وتطويرها وترسله إلى دائرة من الأفكار الكثيرة التي تجعل دوائر الإبداع والتكوين تتفاعل لتطوير فكرته.
مصادر البحث
المكتبات: الكتب و الجرائد:
في رحلة البحث لتطوير الفكرة من الممكن تحفيز القدرة على الإبتكار من خلال المشاهدات والقراءات المختلفة فمشاهدة نوعية من الأعمال الفنية قد تتشابه مع نفس الفكرة أو تحفز العقل بتفاصيل قد تساعد في تطوير الفكرة. أيضاً قراءة بعض الأعمال الأدبية المختلفة أو الشعر تساعد على التطوير والتفكير والإبداع وعلي فتح أفاق واسعه من التخيل والقدرة على الحكي وربط التفاصيل بعضها ببعض.
الأفلام الأخرى القريبة من نفس الفكرة:
ولأن الأفكار ليست حكر على أحد فأوقات ما تكون هناك فكرة تخطر على بالك وقد تتشابه مع فكرة أخرى لكاتب آخر أو صانع عمل آخر وأوقات تكون الفكرة المتشابهة قد تم تنفيذها في عمل فني آخر. فلا يوجد مايمنع من أن يري صانع الفيلم الأفكار والأفلام التي تحمل مساحة من الشبه بفكرته، فقد تجلب له بعض الأفكار الجديدة وقد تجعله يرى السلبيات التي لحقت بالفكرة المشابهة لفكرته. تجعله قادر على تطوير فكرته بشكل أفضل وطريقة أفضل وتجعله يرى سلبيات فكرته وما يستطيع إضافته من إيجابيات وتطوير لها.
البحث على الإنترنت:
في رحلة البحث من الممكن أن يقوم صاحب الفكرة والراغب بتطويرها بالبحث على الأنترنت بإستخدام موسوعات المعلومات مثل الويكيبيديا أو مستودعات للمستندات و المواد مثل الأرشيف الرقمي. و حتى عبر البحث عن موضوعه في مواقع مختلفة. ليقرأ و يشاهد عن كل ما يتعلق بفكرته من مكان ما أو شخصية ما أو البحث عن تاريخ ما مفيد لفكرته أو معلومة طبية ونفسية عن أحد الأمراض والحالات أو معلومة جغرافية أو تاريخية...الخ.
المعاينات:
وفي عملية البحث آيضا من الممكن القيام بمعاينات وإلتقاط مجموعة من الصور الفوتوغرافية المتنوعة لتفاصيل أماكن لها علاقة بالعمل الفني سواء الروائي أو التسجيلي كنوع من تنشيط الذاكرة أو تصوير الشخصيات صور فوتوغرافية وكتابة جمل قصيرة وصفيه عنهم وإلتقاط التفاصيل التي تفيد في رحلة تطوير الفكرة وتحفيزها وزياره تلك الأماكن والنظر لها بشكل تأملي والأقامة فيها إن أمكن.
المفكرة الإبداعية
من الممكن أن يقوم صانع العمل بالإحتفاظ بشكل دائم بمفكرة إبداعية معه طوال الوقت وتكون أهمية تلك المفكرة الصغيرة في تدوين التفاصيل الصغيرة التي تطرأ على البال من جملة ذات معني أو شخصية أو اسم شخص ما أو اسم مكان أو مشهد متخيل يدور بين شخصيات مختلفة، فتدوين كل هذه التفاصيل بعد فترة يشكل مخزونا من الأفكار الإبداعية التي تساعد في بناء الفكرة وتطويرها ويستطيع حينها الرجوع إلى المفكرة ليأخذ منها تفاصيل يحتاج اليها.
الخريطة الذهنية
خلق شبكات علاقات و مسودات بناء على البحث:
في رحلة البحث من الممكن أن يتم رسم خريطة أو مسودة وتلك المسودة يتم فيها توضيح الأماكن والشخصيات وإرتباطهم ببعض ونسج العلاقات بينهم وبين الأماكن فيكون بالإمكان رؤية أماكن الضعف والخيوط الضعيفة التي بحاجة إلى مزيد من التواصل والترابط بشكل أفضل وبحاجة إلى مزيد من الجهد في البناء وتكون تلك المسودة في غايه الأهمية بشكل أكبر خصوصا في الأفلام التسجيلية ومن الممكن أن نكتب فيها نوعية الأسئلة التي قد تتحدث بها كل شخصية من شخصيات الفيلم التسجيلي فيكون هناك تغطية شامله لكل موضوعات الفيلم.
المقابلات
في كل عمل فني سواء كان فيلما روائيا مستوحى من شخصية حقيقية أو تسجيليا ينبغي عمل مقابلات مع الشخصية الحقيقية نفسها أو المقربين منها والإستماع إلى الشخصية بما تقوله وتنطق به لتكون مصدرا من مصادر الوحي وتكوين الشخصية وبناءها وتدوين كل الملاحظات والأسئلة التي تطرأ على بال صانع العمل الفني حول تلك الشخصية والحديث المطول معها وطرح الأسئلة والإستماع إلى الأجوبة المختلفة وتكوين وجهه نظر خاصة حول الشخصية، وزيارة الأماكن الحقيقية التي يستوحي العمل منها. وفي الأفلام التسجيلية تحديدا على صانع الفيلم أن يبدأ في عمل تحضير شامل لعمله من خلال:
- طرح أسماء الشخصيات التي يسعي للتصوير معها.
- التدقيق في أسباب إختيار تلك الشخصيات تحديدا.
- أهمية الشخصيات للعمل ومقدار قربها وفائدتها.
- قدرة الشخصيات على الكلام والتحدث بشكل جيد يفيد العمل.
- مانوعية وشكل الأسئلة التي سيطرحها على الشخصية.
- مانوعية الأجوبة والردود التي يتوقعها من الشخصية.
وأثناء عمل المقابلات مع الضيف أو التصوير معه؛ على صانع الفيلم أن يكون شديد التركيز في ماينطقه الضيف من إجابات ويقدمه من معلومات وهل هي تشمل كل ما يدور في بال صانع الفيلم؟، والتركيز على الأسئلة وليدة اللحظة التي تأتي على البال ولم تكن ضمن الأسئلة المعدة سلفا، وقرب أنتهاء المقابلة والتصوير على صانع الفيلم أن يقف لدقائق معدودة ويسأل نفسه بعد الإنتهاء من الحديث مع الشخصية أو التصوير معها - هل قام الضيف بالإجابة على كل الأسئلة المطروحة بشكل كاف ومفيد؟ هل كانت جمل الضيف الحواريه تحمل مساحة من الإتزان والنطق السليم للجمل والعبارات دون تلعثم أو سكتات كثيرة فتكون هناك جمل كاملة ومفيدة ومتسقة مع الموضوع - وهل كانت الأسئلة كافية وبشكل كامل لتغطية كل جوانب الموضوع المعُد لتحضيره أو ماتم تصويره أم هناك مزيد من الأسئلة التي لم تخطر على بال صانع الفيلم وهو بحاجة إلى توجيهها للضيف حتي يكون لديه متسع من الوقت لإضافة تفاصيل أو توجيه أسئلة جديدة تفيد عمله.
الحقوق و الواجبات
في الأفلام التسجيلية يقع على عاتق صانع الفيلم مسؤلية كبيرة تجاه الشخصيات التي سيقوم بالتصوير معها فالمبدأ الأول هو موافقة الشخصية على التصوير معها وشرح الموضوعات التي ستقوم الشخصية بالحديث فيها وموافقتها على ذلك، والمبدأ الثاني هو حرص صانع العمل على عدم تصوير أي شئ يؤذي الشخصية أو قد يُعرضها لأي خطر وموافقة الشخصية للموضوعات التي ستتحدث عنها، والمبدأن يقعان تحت الأمانة العملية في صناعة الفيلم والأمانه في التعامل مع الشخصيات وإحترام حقوقها وحريتها.
في حالة رفض الشخصية فعلي صانع الفيلم أن يقوم بالحديث المطول مع الشخصية لمعرفة أسباب رفضه للتصوير معه أو رفضه لموضوع معين بالحديث عنه ويعرف كل الأسباب ويطرح حلول وإقتراحات للشخصية ليصل إلى حل معها حول التصوير وإقناع الشخصية بالموافقة على نوعية الموضوعات وإذا لم يستطع الوصول إلى نقطه إلتقاء وحل مع الشخصية فعليه أن يقف على رغبة الشخصية في الرفض للتصوير بشكل كامل أو رفض الحديث حول أحد الموضوعات بشكل خاص، وفي حالة الموافقة على التصوير فعلى صانع الفيلم أن يأخذ موافقة مكتوبة للشخصية بالتصوير وإستغلال كل المادة المصورة في عمل فني، ومن الممكن أن يأخذ موافقة مصورة للشخصية يتحدث فيها عن موافقته للتصوير وإستغلال المادة المصورة وشخصيته في عمل فني، وذلك كله ليكون العمل تام على أكمل وجه ولا يحدث أي مشكلات مستقبلية للشخصيات أو صناع العمل فيكون الجميع في حالة موافقة على المادة المصورة.
إختيار مكان اللقاء
في إختيار المكان للتصوير مع الضيف ينبغي أن يكون المكان مريح للشخصية حتي تستطيع التحدث فلا يكون مكانا تكرهه الشخصية أو تخشاه وتكون في قلق وعدم راحه للحديث وهي في هذا المكان، ويتم التركيز في مضمون المكان بالنسبة للشخصية وللعمل الفني، مامدي علاقة المكان الذي يتم فيه تصوير الشخصية بها وماهي الخلفية التي ستظهر خلف الشخصية والزاوية المراد إظهار الشخصية بها وبالشكل المناسب، واختيار المكان في غايه الأهمية وآيضا التركيز على الخلفية التي ستظهر خلف الضيف فلا تكون الخلفية ملفته للنظر بشكل كبير فتلهي المشاهد عن الشخصية وحديثها وتجذب الأنظار فتُضعف من وجود الضيف ومن حديثه فلابد أن تكون الخلفية مناسبه ومريحه ومرتبطه بالضيف.
ولذلك لابد على صانع العمل من طرح مجموعة من الأسئلة حول المكان سواء كان في الفيلم الروائي أو التسجيلي حول أهميته: ماذا أريد إظهاره من هذا المكان؟ ماهي التفاصيل التي تجعله غنيا وملائما ؟ ماهي عيوب المكان التي لا أريد إظهارها وإذا أردت إظهارها فلماذا ولأي غرض؟
وعلي صانع الفيلم عند معاينة مكان التصوير سواء في الفيلم الروائي أو التسجيلي أن يتأمل تفاصيل المكان جيدا ويدقق في شكل المكان وألوانه وتفاصيله الصغيرة وهل هو مناسب للشخصيات ويدون بشكل كامل عن المشاكل والمعوقات التي يراها في مكان التصوير من حيث الصورة أو الصوت ليستطيع تلافيها أثناء التصوير ويحدد بدقة شكل لقطاته التي تظهر جماليات المكان وتفاصيله الغنيه ومقدار تعايش الشخصيات مع هذا المكان.
الهوية البصرية
هناك عدة طرق لتقسيم لقطات الفيلم و عمل خطة للهوية البصرية لكل نوع لقطات:
تحديد المشاهد الرئيسية و طبيعتها
تقسيم كل شخصية أو كل جزْء من الحكاية بشكل بصري معين
في الفيلم التسجيلي يمكن تقسيم أنواع اللقطات بشكل واسع إلى لقطات ذات مادة سمعية (مثل اللقاءات - الحوارات بين الشخصيات - الخ) و تسمى عادة بالمادة الأولية A Roll و اللقطات ذات مادة مكملة أي لقطات عامة و لقطات للشخصيات أثناء سير عملهم أو في أماكن مختلفة في يومهم و تسمى بالمادة الثانوية أي B Roll.
أيا كانت طريقتك في تقسيم اللقطات المهم الإجابة عن الأسئلة الآتية: طبقا لكل ماجربناه سابقاً
- ما لقطاتك في كل مشهد؟
- كيف ستصور شخصياتك في اللقاءات؟
- ما حجم اللقطة؟ هل ستتحرك الكاميرا؟ كيف؟
- ما القرارات المتعلقة باللون؟
- كيف سيترجم ذلك في شكل مشاهد الفيلم؟
- أين سيصور كل مشهد و كل شخصية؟
- أي وقت في اليوم سيصور المشهد؟
والإجابة على الأسئلة السابقة هي مايتعلق بتحديد شكل الهوية البصرية، فالإختيار البصري لكل عنصر هو أساس كل عمل. بالإعتماد على ما رأيناه في الفصل الأول من قرارات لها علاقة بالصورة، هو الخطوة التالية في تطوير بحثك حيث أن الشكل البصري يجب أن يعكس مضمون الفيلم و طبيعته و يعتمد على البحث بشكل أساسي. الشخصيات و المواقع و الأماكن و المواقف و الأحداث تعطيك كصانع العمل إلهاما لتصويرها بشكل محدد.
ولكل عمل فني شكل بصري والشكل البصري يعتمد على حالة كاملة من تناسق وتناغم بين كل العناصر والمكونات لهذا العمل من الشخصيات وملابسهم وإختيار الأماكن وطبيعتها الجغرافية ولونيتها وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة من ديكورات وفرش وايضا عنصر الزمن والذي يفرض شكل مميز للأماكن وألوانها وآيضا لونيات الملابس ونوعيتها المتماشية مع شكل هذا الزمن ولهذا فعلي كل صانع عمل فني أن يحدد هوية عمله البصرية ويعمل على خلق تناسق كامل والتفكير في كل العناصر للوصول إلى المحافظة على هوية عمله البصرية.
الزمن
في كل فيلم هناك مستويان أساسيان للزمن، فهناك:
- زمن عرض الفيلم نفسه على الشاشة، و يطلق عليه الزمن المادي أو الزمن الحقيقي Physical Time
- زمن الأحداث في الوقت المتخيل للقصة نفسها و هو مايطلق عليه الزمن الفيلمي Filmic Time أي أنه الزمن بعد أن تحايل على إظهاره صانع العمل السينمائي: فقد تظهر به الثانية على مدار ساعة أو العام بالكامل قد يمر في دقيقة. و هو في ذاته قد نرى به مستويات من الزمن مثل:
- الزمن الذي تستغرقه الأحداث نفسها و يطلق عليه الزمن الدرامي Dramatic Time
- أو الزمن الإجمالي لأحداث القصة و يطلق عليه الزمن القصصي Story Time
- أو الزمن النفسي للشخصيات Psychological Time
و غيرها. هل تتذكر مشاهد كان الزمن الحقيقي مختلف تماما عن الزمن الفيلمي؟ ماهي؟ كيف صنعت؟
بعض وسائل التحايل الزمني
الإسترجاع للماضي Flashback الفلاش باك
طريقة للحكي معتمدة على الرجوع إلى أحداث قديمة نسبة للوقت الحالي في الزمن الدرامي. هو أسلوب تم أستخدامه كثيرا في السينما بشكل عام وخصوصا في أفلامنا المصريه القديمة بشكل كبير. الإستباق للمستقبل Flashforward الفلاش فورورد: طريقة للحكي عكس الفلاش باك وهي بالإنتقال الزمني إلى المستقبل لحكي ماسيحدث أو مايتوقع حدوثه للشخصيات.
الفوتومونتاج Photomontage
وسيلة للعرض السريع لعدة أحداث سواء تحدث بشكل متتابع و متشابه، أو تحدث بشكل متوازي أي كلها في نفس الوقت. الزمن الموازي Parallel Time: طريقة للحكي يتم بناءها في طريقة الكتابة أولا ويظهر شكل تنفيذها في مرحلة مونتاج مابعد التصوير وتعتمد على فكرة حكي حدثين في زمنيين بطريقة التوازي سواء كان الحدثين في نفس الزمن أو ربط مابين زمن حاضر وزمن ماضي وهي طريقة تشويقيه للمتلقي لأنها تجعله يتابع تطور كل حدث في أزمنه مختلفة و يحاول توقع العلاقة أو نقطة الإلتقاء.
أيضا في مجرد إختيار لقطات معينة، أو إبطاء أو تسريع لقطات، يتم التحايل تلقائياً على الزمن. لماذا نفعل ذلك؟
الإيقاع
الإيقاع يحدد الكثير من العناصر الأخرى منذ لحظات الكتابة الأولي لأنه سيبني بعد ذلك لقطاته طولها وقصرها. هل هو إيقاع سريع مرتبط بسرعة الأحداث التي تحدث للشخصيات وتؤثر فيها وتُغير من شؤنها أم إيقاع بطئ ناتج عن بطء الأحداث مما يتطلب أن تسير الشخصيات في نفس ذلك الإيقاع البطئ المتأمل الحذر؟
أسئلة أساسية حول إيقاع الفيلم:
- متى يتم تقديم المعلومات الأساسية في العمل؟
- ما الفترة الزمنية الفعلية التي تفرق بين كل معلومة هامة و أخرى؟ بين كل حدث هام و اخر؟
- ما طبيعة الحركة الجسدية للشخصيات الرئيسية في العمل؟
- ما طبيعة حركة الكاميرا؟
- ما العناصر الأساسية التي تصورها الكاميرا؟ هل لها إيقاع خاص بها؟
=== القصة === ما القصة؟
كل اختيار يعطي معنى مختلف ويحكي قصة مختلفة، وهذا ما تحدثنا عنه من قبل.
بعض الناس لديهم قصص في وجوههم وأعينهم واوضاع أجسامهم. من واجبنا ان تقرأ هذه القصص ثم نفهمها ونوصلها للمتفرج. لكي ننجح في هذا، يجب علينا ان ندرك جيدًا ونتحكم في أراءنا الشخصية في أثناء العمل.
كما ناقشنا في الدروس السابقة أنه من أهم الأشياء هو كيفية تواصلنا مع الشخصيات والقصة، يجب علينا أن نقرر اذا ما كانت وجهة النظر المقدمة ذاتية أم موضوعية، ويجب ان يكون هذا القرار واضح جداً. أن نقدم وجهة نظر موضوعية شاملة هو شيء مستحيل عملياً. كلما ادعت وسائل الاعلام انها موضوعية، تأكدوا ان هذا يعني وجود انحياز دفين. الموضوعية الحقيقية هو ان نقدم وجهة نظر ذاتية ولكن بوضوح وصراحة. الانتقال من وجهة النظر الذاتية للموضوعية له دلالات، من لقطة عامة للقطة تفصيلية أو العكس. كيف نقدم هذا، وكيف نعلق عليه هو ما يكون القصة التي يشهادها الناس.
هيكل القصة
لسرد أي قصة هناك أكثر من طريقة. الطريقة الأشهر هي الطريقة التقليدية التي تعتمد على أسلوب الحكي التقليدي والطبيعي ما يسمى ب"بناء الثلاثة فصول"
بداية - وسط - نهاية
البداية يتم فيها تقديم الشخصيات ونسج علاقاتهم ببعض وشكل حياتهم وشكل الشخصية الرئيسية وطباعها ثم الوسط حيث تبدأ الأزمة التي يواجهها البطل ويظل في صراع معها طوال مرحلة الوسط حتي تصل إلى مرحلة الذروة وهي أعلى مراحل أشتداد الأزمة وتأزمها ثم تأتي مرحلة النهاية والتي يتم فيها حل الأزمة الممتدة من الوسط وتلتقي الخيوط كلها وتُحل كل المشاكل ونصل إلى النهاية. هذه طبعا هو البناء الكلاسيكي و تفصيله في الصورة التالية: هناك أيضاً عدة أساليب مختلفة للسرد مثل: وضع المتفرج في قلب المواجهة، ثم العودة تدريجيا لشرح أسباب الأزمة و معرفة تفاصيلها.فنرى أفلاما تبدأ بمشهد هو تقليدياً نهاية الفيلم ونعود من جديد لنبدأ سرد بدايات القصة من أولها لنعرف لماذا وصلت القصة إلى تلك النهاية أو تكون البداية عند ذروة أحداث الفيلم ونعود لنحكي من جديد البداية لنصل إلى الذروة ويأتي الحل.
من الأمثلة على ذلك نري فيلم المرأة المجهولة (١٩٥٩) من إخراج محمود ذو الفقار حيث يبدأ الفيلم بالبطلة وهي عجوز ذاهبة إلى المحاكمة في جريمة قتل ويراها زوجها السابق وهو سبب ما الت إليه فنعود بالذاكرة لحكي بداية القصة وشباب البطلة وما حدث لها ونصل إلى الذروة من جديد وابنها المحامي يترافع عنها ويأتي الحل.
طريقة أخرى للسرد و هي طريقة التوازي: حيث يكون هناك حدثين يسيران مع بعضهما في التطور وممكن أن يكونا يسيران مع بعضهما إلى الأمام أو العكس أو أكثر من حدثين وتلك الطريقة كثيرا ما تستخدم في أفلام التشويق والأكشن أو في غيرها من الأفلام .فعلي سبيل المثال نجد فيلم حياة أو موت (١٩٥٤) للمخرج كمال الشيخ واحد من هذه النماذج فنري خلق التشويق عند المتفرج لرؤية الطفلة في رحلة جلب الدواء لأبيها المريض ونري الأب المريض والمعرض للموت ونري الطبيب في محاوله منع الطفلة من الوصول إلى أبيها بالدواء الذي أعطى لها بالخطأ، ثلاث أحداث تسير بالتوازي لخلق الشغف والفضول لدي المتلقي فيظل يتابع بأستمرار مايحدث.
أخيرا يجب اختيار هيكل القصة بناءً على الموضوع، الهيكل يساعدنا في المونتاج. توجد عدة وحدات صغيرة أيضًا داخل كل قصة عبارة عن: السؤال > الإجابة. أي أن في كل وحدة في القصة تطرح سؤالا يدفع المتفرج للمشاهدة حتى يعرف إجابته. تختلف إيقاع الأسئلة و الإجابات و تواليها على حسب نوع البناء المختار فمثلاً:
- تحقيق إستقصائي: السؤال -> البيانات -> الإجابة
- فيلم يعرض رأي أو وجهة نظر: ملاحظة ١ -> ملاحظة ٢ -> ملاحظة ٣ -> إستنتاج في الختام
- احتمال -> معطيات -> دلائل -> ختام (تأكيد الاحتمال)
أمثلة لبناء هياكل قصة تقليدية:
الأفلام البوليسية مبنية على طرح عدة أسئلة و عدم الإجابة عنها حتى نهاية الفيلم:
يكون الهيكل يشبه ذلك: سؤال ١ -> سؤال ٢ -> اجابة ١ -> سؤال ٣ -> إجابة ٢ -> إجابة ٣
أفلام التشويق والإثارة قد تعطيك أجوبة قبل الأسئلة فتعرف أكثر مما يعرفه الشخصيات:
يكون الهيكل يشبه ذلك: سؤال ١ -> إجابة ٢ -> إجابة٣ -> سؤال٢ -> سؤال٣ -> إجابة١
أخيرا تستطيع إختلاق طريقة السرد التي تناسبك و تمثل الموضوع أو القصة المصورة، هذه الإقتراحات و أشكال البناء هي لجعلك تفكر في كيف تؤثر في الجمهور.أيضاً في كل أشكال السرد هناك عناصر أو ملامح مشتركة، هذه هي أبرزها:
الشخصية الرئيسية: من هي أو هو الشخصية الرئيسية و كيف تظهر؟ عادة ما يحتاج المتفرج لمعرفة الشخصية الرئيسية مبكراً أثناء المشاهدة: وإظهار مواصفاتها الشكلية وطبائعها الشخصية وعلاقاتها بالمكان الموجودة فيه وعلاقاتها بالشخصيات المحيطة بها. هل يستطيع المتفرجون أن يتماثلوا مع الشخصية الرئيسية أم لا؟ لماذا؟
الأزمة: الصراع / الأزمة هو أساس العمل الدرامي. تأتي دائما فبل المنتصف فتظهر لتمثل العائق والتحدي أمام الشخصية الرئيسية ومشكلتها الأساسية. هل الأزمة متمثلة في شخصية معادية؟ هل تتمثل في أي شكل أخر: عاصفة طبيعية - ظروف سياسية - أو غيرها؟ هل هي أقوى من الشخصية الأساسية؟ أم لا؟
الحبكة: هي طريقة ربط الأزمة طوال الأحداث بالتشويق ويتم إلقاء المعوقات في طريق الشخصية الرئيسية بحيث يظل المتلقي في شغف دائم لمعرفة كيف ستُحل الأزمة وتزول تلك المعوقات.
الذروة: هي أعلى نقطة في في تصاعد الأزمة والأحداث وهي النقطة التي يصل عندها المتلقي إلى أعلى حالات التساؤل حول كيف ستُحل الأزمة وعادة ماتكون مواجهة مباشرة بين طرفي الصراع و بعدها يأتي الحل مباشرة.
وحدات الزمن في الفيلم
اللقطة < المشهد < التتابع < الفصل < الفيلم
يبنى هيكل القصة إعتمادًا على الوحدات الزمنية المختلفة في الفيلم. لتعريف تلك الوحدات تم الإتفاق على الآتي:
- اللقطة: هي أصغر وحدة في الفيلم المصور و هي الصورة المتحركة المتصلة من بداية الضغط على مفتاح التسجيل و حتى الضغط على مفتاح التوقف
- المشهد: عدة لقطات مجمعة تشترك في الزمان و المكان و الحدث، مثلًا أثناء تصويرك داخل مظاهرة واحدة يمكنك تصوير عدة لقطات من زوايا مختلفة و تقطيعها معًا أثناء المونتاج لتصبح مشهدًا واحداً.
- التتابع: هو عدة مشاهد تشترك في الفترة الزمنية: مثلًا تتابعًا من مشاهد لأحداث محمد محمود، كل مشهد في يوم من ١٨ نوفمبر حتى ٢٥ نوفمبر. الكثير من الأفلام المصنوعة شعبيًا هي مشاهد أو تتابعات.
- الفصل: في الأفلام الطويلة نجد عدة فصول، مثل فصول المسرحية، و التي تتكون من مجموعة تتابعات مع بعض تعتبر قصة رئيسية و موحدة كجزء من الفيلم ككل.
- الفيلم: هو الفيلم كاملًا بإحتوائه لعدة فصول التي هي وحدات الهيكل الرئيسية (بداية – وسط - نهاية)
و لكن كما قلنا سابقاً، هذه التعريفات لمجرد تسهيل العمل و التفكير في كيفية بناء الفيلم. و لكن لا يجب الإلتزام بها بغض النظر عن موضوع الفيديو الخاص بك، فيمكن وجود فيلم هو عبارة عن لقطة واحدة أو مشهد واحد.
التنفيذ
تقسيم الأدوار
عند التنفيذ ستجد انه من الضروري أن تقسم الأدوار بشكل ناجح لكي يتم العمل. جزء أساسي من نجاح هذا التقسيم هو قدرة كل عضو في الفريق على إيصال أفكاره و التحاور مع باقي الفريق، و الثقة المتبادلة بينهم. يمكنك تقسيم الأدوار بأي شكل تريده: و لكن هنا دعنا نتعرف على المهام الأساسية و كيف يتم تقسيمها في الصناعة التقليدية، يمكنك بعد ذلك تقسيم كل جزء من دور على أكثر من شخص أو العكس.
المخرج:
صاحب الرؤية، و الدافع للفريق للعمل. في الأفلام التي يتم تطويرها بشكل جماعي عادة مايستطيع الأشخاص الإستفادة من الرؤى المكملة للمجموعة و لكن أيضاً إذا وجدت لديك أو لدي أحد أفراد فريقك الرؤية الواضحة لفكرة الفيلم، فلا عيب من مساندتها و الدفاع عنها و إقناع باقي المجموعة بها.
المنتج:
على بديهيتها: من أهم المهام هو التأكد من أن كل الفريق يقوم بمهامه. يجب تولي شخص ما هذا الدور، ليتأكد أن كل الشخصيات و اعضاء الفريق و أصحاب أماكن التصوير تم الإتفاق معها بالإضافة إلى كتابة أي متطلبات أخرى و توكيل أحد أفراد الفريق بها و متابعة تولي الجميع مهامهم المكلفة. هذه المهام تعتبر الإدارة العليا للمشروع، يجب أن يتوافر عند أحد أعضاء فريق العمل القدرة على التعامل مع الظروف المختلفة و تذليل العقبات في طريق العمل.
الكاتب/الباحث:
كما رأينا يحتاج تطوير كل فيلم لبحث و كتابة، يقوم الباحث أو الكاتب برحلة البحث والتوثيق وجمع المعلومات وتجميع الشخصيات و جمع مادة تاريخية ومراجعتها وتصحيحها بشكل صحيح. هذه من المهام التي يمكن تقسيمها على الفريق كله أيضاً بحيث تستفيد من خبرات و مجهودات الجميع.
الممثلين/الشخصيات:
في حالة الأفلام أو المشاهد الروائية أو المختلقة لابد من وجود ممثلين يظهرون أمام الكاميرا. و هناك عدة عناصر مهمة منها مواءمة هؤلاء الممثلين للمراحل العمرية المطلوبة وقدرتهم على الاداء. هذه ليست مهمة سهلة بأي حال من الأحوال فيجب على من يقوم بها أن يفكر كثيرا في حالة الشخصية الإجتماعية وشكل ملابسها وحالتها النفسية وعلاقة الشخصية بباقي الشخصيات ومدي تغير حالتها.
المصور:
هو الشخص المسئول عن كل مايتعلق بجانب الصورة والإضاءة وتبدأ مهامه منذ جلسات عمل المناقشة في الفكرة و تطويرها. يأخذ من الجميع الأفكار المتعلقة بالهوية البصرية و نوعية اللقطات و يحدد مع الفريق كافة العناصر البصرية ثم أثناء معاينات أماكن التصوير المقترح التصوير بها يبحث شكل الإضاءة ولونيه الفيلم المناسبه للحالة الدرامية وشكل اللقطات التي قام المخرج بتجهيزها للتنفيذ وزوايا الكاميرا والحالة الدرامية للشخصيات التي تفرض شكل الإضاءة في المشاهد وحركة الممثلين في داخل اللقطة. قد تجد في فريقك أن عدة أفراد يستطيعون تصوير المشاهد المختلفة و قد تكون هناك ميزة في تقسيم تلك المشاهد عليهم، بحيث يستفيد الفريق من رؤية و موهبة كل شخص.
مهندس الصوت/مصمم شريط الصوت:
هو المسئول عن كل ما يتعلق بشريط الصوت وبالتالي فهو يقوم بتسجيل الصوت أثناء العمل وله دور كبير في مرحلة التنفيذ وله دور في مرحلة بعد التنفيذ في التصميم النهائي لشريط الصوت (الميكساج). قد تجد أيضاً في فريقك أن عدة أفراد يستطيعون تسجيل الصوت بالمشاهد المختلفة و قد تكون هناك ميزة في تقسيم تلك المشاهد عليهم، بحيث يستفيد الفريق من رؤية و موهبة كل شخص.
مهندس الديكور والمناظر:
هو المسئول عن جماليات أماكن التصوير من حيث الديكورات والأكسسوارات فإذا تطلب بناء أحد أماكن التصوير داخل البلاتوه تكون مهمته، يعمل معه المخرج في توصيل الحالة الفنية للفيلم من شكل الديكورات إذا تم بناءها أو تم التصوير في أماكن حقيقية وشكل الألوان للحوائط ومدي تناسقها مع لونيات الملابس وإختيار أشكال الأكسسوارت المختلفة داخل الفيلم.
المونتير:
هو الشخص الذي يأتي دوره في مرحلة مابعد التصوير وهي مرحلة العمل على تجميع اللقطات وخلق الإيقاع العام للفيلم والتحكم في الزمن ويأتي دوره بتفصيل أكثر في الفصل الرابع.
ظروف التصوير المختلفة
في يوم التصوير يكون عنصر الوقت واللحظة في غاية الأهمية فعلي كل فرد في فريق العمل أن يكون ذهنه حاضراً و قد راجع كل مهامه التي اتفق على أداءها. إذا كان فريق العمل مكوناً من أربعة أفراد و سمح لكل منهم لنفسه بربع ساعة تأخير هذا سيؤدي إلى تأخير لمدة ساعة مما سيجعل الأشخاص الأخرين متململين من المشاركة أصلا، و لن يمكنكم الإتفاق معهم مرة أخرى.
استباق المشاكل
نصف المشاكل يمكن آن تحل قبل التصوير فيجب أن يكون فريق العمل متوقعا لمشاكل اليوم المختلفة، إو أن تكتشف أن ماصورته ليس بالجودة التي كنت تتمناها نتيجة لمشاكل مثل:
تأخر أعضاء الفريق في موعد حضورهم
أو التأخير في التجهيزات في الملابس والأكسسوارات
تغيير رأي أحد الشخصيات أو تقاعسه
تتحدث الشخصية بطريقة غير جيدة بها الكثير من السكتات أو عدم إكمال جمل مفيدة
أو تتحدث الشخصية بموضوعات ليست ذات أهمية لفكرة الفيلم وبشكل مطول بدون داعي.
أو أن يقاطعك أحد في تصويرك فاتضطر للتوقف أو للإسراع في العمل على حساب الجودة.
أو بعدما يتم معاينة أحد الأماكن، عند التصوير تجد المكان قد تغير كثيرا عن المعاينة بفعل بعض الأهمال أو تغييرات من أصحاب المكان أنفسهم أدخلوها عليه دون علم
يجب أن يجد الفريق الخطة التي تساعده على إدراك ماقد فاته و التي يحسب فيها حساب وقتاً لإدراك ما سقط أو إعادة التصوير. وأن يكون في حساباته خطة بديلة دائما في حالة حدوث مشاكل لخطة التصوير الأصلية.
فلذلك على فريق العمل أن يكون حاسبا لكل الحسابات ويعرف كيف يوازن الوقت في حالات التأخير. أيضاً تقسيم المهام الناجح ضروري بحيث يكون هناك من يؤكد على كل الأشخاص و كل الأفراد المواعيد بدقة، حاسباً حساب التأخيرات الناتجة عن أي من الظروف، كما يحسب حساب التنقل خصوصا في بلادنا المزدحمة.
في الأفلام التسجيلية على سبيل المثال يكون فكرة الوقت والزمن شديدة الأهمية نظرا للعمل على أخذ لقطات حقيقية وغير مصطنعة فيكون واجباً على من يقوم بتحضير الكاميرا سرعة التجهيز لأخذ لقطاته كما هي بطبيعتها. فاللحظة التي تذهب من الصعب أن تعود ولذلك فالزمن والوقت شديد الأهمية بالنسبة للمكان الذي يتم التصوير فيه وآيضا بالنسبة إلى الشخصيات التي يتم التصوير معها والتي من الصعوبة أن يتم إحضارهم والتصوير معهم في يوم آخر غير المعد للتصوير.
إدراك الإحتمالات المختلفة
آيضا في التصوير أحيانا ما يأتي لصانع العمل أفكار إبداعية جديدة لم تكن في باله أثناء التحضير وهي الأفكار وليدة لحظة التصوير تأتي من نظرة جديدة الي لمكان أوالي لشخصية فتلهمه بفكرة ما أوسؤال ما أو لقطة ما لم يدرجها في جدول تصويره ولكنه يراها مهمة ويريد تحقيقها فعليه أستغلال هذا الإحساس. كلما كان تحضير الفريق وافيا، كلما سمح بدرجة أعلى من الإرتجال و الإستجابة لمعطيات اللحظة.
للتذكر في تنفيذ المشروع
قبل التصوير
- البطاريات كاملة و مشحونة (إذا معك ميكروفون أو أجهزة خارجية تحتاج لبطاريات أيضًا تذكرها)
- الكارت خاليًا و المادة التي عليه نزلت، كارت إضافي أو أكثر على حسب التصوير المُزمع تنفيذه
- ساعة و تاريخ الكامرا أو مسجّل الصوت مضبوطة (إن كانت تسجّل التاريخ)
- الشنطة مرتبة بكل ما تحتاجوه للتصوير، الشنطة شكلها لا يثير الشبهات
أثناء التصوير
- صوّر كل لقطة بعناية ولا تتسرع. تذكر دائمًا التكوين و كيفية الحصول على أفضل نتيجة مما تراه
- تذكر البحث عن مصادر الإضاءة و ضبط الكاميرا و الزاوية لأفضل تعريض ممكن.
- وجهة السمع: أين يقع مسجل الصوت من مصدر الصوت.
بعد التصوير
- تنزيل المادة المصورة كاملة في مخزن مُنظّم للتسجيلات و مسح الكارت
- كتابة ملخص نصّي لمحتوى التسجيل\التصوير يحدد أوقات و تواريخ و أماكن التصوير و أسماء الأشخاص الذين أجرينا معهم الحوارات، و ملخّص لسياق الأحداث المُصوّرة أو موضوع المقابلة\التصوير، و ربط ملف الوصف بملف التسجيل\التصوير (بتدوين اسم الفلم في الملف النصّي مثلا) و حفظه في مكان منظّم. الأفلام مجهولة البيانات فائدتها تقلذ كثيرا بعد فترة عندما تنسى ملابسات تسجيلها.
- وضع البطاريات في الشاحن و الترتيب للتصوير القادم
التفكيك و التركيب
المونتاج
مقدمة
هو تكوين وخلق للمادة المصورة بحيث نبني معنى (في حالة التوثيق) لما تم تصويره وذلك لأنها في حد ذاتها لقطات مجردة/منفصلة. ومن هنا ندرك أن ربطها ببعض في ترتيب معين قد يخدم الفكرة التي نهدف إليها أو يضرها وذلك بسبب جمعنا لللقطات.
أيضا طول اللقطة ومعرفتنا بمدى الاحتياج لمدتها يخدم الفكرة المراد توصيلها. ومن خلال مدة كل لقطة في تراتبيتهم المختارة يولد الإيقاع والذي يشبه إيقاع الموسيقى ولكن بشكله البصري.
عملية المونتاج تأخذ البناء و ترتيب اللقطات المحدد مسبقًا و تنفذها على الخط الزمني داخل برنامج المونتاج. و بالتالي فنعتمد على لقطات ترتب في مشاهد ثم المشاهد في تتابعات حتى تصنع لنا الفيلم كاملاً، مثل العلاقة المشروحة في القسم السابق.
توجد طرق كثيرة لعمل المونتاج و من أبسطها تصوير اللقطات المحددة بالترتيب المقصود في بناء الفيلم على الكاميرا نفسها. و يسمى هذا مونتاج مباشر على الكاميرا (أي تصوير اللقطة الأولى ثم الثانية ثم الثالثة طبقًا لترتيب عرضها). و من الطرق الأخرى أن توصل جهازين عرض مثل جهاز شرائط الفيديو VCR ببعض و تعرض اللقطات على واحد و تسجلها بترتيب البناء المقصود على الآخر. و الطريقة القديمة بقص و لصق شريط الفيلم عبر ماكينة الموفيولا و أخيرا كما شرحنا سابقاً: المونتاج الرقمي Digital Editing.
- ماهو المونتاج؟
المونتاج هو عملية توليف وترتيب وتركيب اللقطات التي تم تصويرها في مرحلة التنفيذ بعد أن جمعت في شكل مبعثر ليتم ترتيبها في شكل فني لخلق معنى من التتابع في شكل وحدات الزمن في الفيلم. للتذكير وحدات الزمن الفيلمي Filmic Time: اللقطة < المشهد < التتابع < الفصل < الفيلم
بدايات المونتاج في السينما
كثير من الناس يعلم ان الأب الروحي للمونتاج و الخدع السينمائية هو الفرنسي جورج ميلييس و لكن مالا يعرفه الكثير هو كيف إكتشف هذا الجانب السحري من السينما.
قبل ميلييس كانت الأفلام عبارة عن لقطات واحدة ثابتة يصورها لوميير مثل "خروج عمال من المصنع" "القطار يقف في المحطة" و غيرها. و كان ميلييس عنده سيرك به العديد من الفقرات، و أراد أن يضيف فقرة لعرض فيلم سينمائي. طلب من الأخوان لوميير شراء إحدى الكاميرات لكن الأخوان لوميير رفضوا بيعه إحدى كاميراتهم السينمائية (بالرغم من عرضه ١٠ الاف فرنك لهما) خوفا من منافسته لهم في باريس.. فقرر ميلييس شراء عارض أفلام (أنيماتوغراف) من الإنجليزي روبيرت و. بول (بمقابل الف فرنك فقط) و عكس دورته reverse-engineering ليشبه كاميرات الإخوين لوميير و يلقط الصور المتحركة.
لكن بسبب أن هذا الحل كان يدويا و من صنع ميلييس نفسه فتعطلت الكاميرا أثناء تسجيله لقطة لأتوبيس في الشارع و توقفت عن التسجيل في منتصف اللقطة، أخذ ميلييس يصلحها و عندما دارت مرة أخرى كان الأتوبيس قد إختفى و ظهر مكانه حنطور. عندما شاهد ميلييس الشريط المسجل رأى أن الأتوبيس تحول فجأة لحنطور و أدرك قدرات المونتاج في إخفاء و إظهار عناصر في الكادر.
إقتباس الأفكار و إيجاد بدائل و حلول يدوية كان لها دور هائل في تطور الفن السينمائي حتى الآن. ما رأيك فى قيمة البدائل والحلول المختلفة للمشكلة الواحدة؟ هل تستطيع التفكير في إختراعات و أفكار أخرى ظهرت لأننا "تغزل برجل حمار؟"
في نفس الوقت كان إديسون في الولايات المتحدة يؤسس لشركة تصنع نسخا من هذه الشرائط السينمائية و تلف بها المدن الأمريكية المختلفة لعرضها.. و في عام ١٨٩٩ عين شاب اسمه إدوين بورتر مدير قسم الانتاج في ستوديوهات إديسون بمدينة نيو يورك. كان المسئول عن صنع الأفلام و لكن أيضا عن نسخ الأفلام الأوروبية و توزيعها بشكل غير قانوني في الولايات المتحدة. كانت شركة إديسون تقوم و بشكل مستمر بقرصنة شرائط الأفلام و عمل نسخ منها لتوزيعها في الولايات المتحدة دون دفع مستحقاتها لصناعها الأوروبيين. لكن لم يكن إديسون على نفس القدر من التحرر عندما جاء الأمر لمستحقاته هو.
المهم، وقع تحت يد إدوين بورتر مجموعة من أفلام جورج ميلييس و انبهر كثيرا بها و بفكرة التقطيع داخل المشهد الواحد، و منها إقتبس بورتر فكرة التتابع الزمني من لقطة إلى أخرى. و بعد مشاهدته لأفلام ميلييس صنع فيلم: يوم في حياة رجل المطافي، و فيه استخدم عملية المونتاج بين لقطات متنوعة في آماكن مختلفة و لكن حركة الممثلين مستمرة في نفس الإتجاه و مع نفس الحدث ليعطي إحساسا بال"إستمرارية continuity."
بعد ذلك أدرك بورتر قوة عملية المونتاج و تأثيرها خصوصا إذا نوع في أحجام اللقطات و إقترب أكثر من الممثل الرئيسي، و من هنا جاء أول قطع للقطة قريبة في السينما في فيلم سرقة القطار الكبرى. لم يكن هذا التطور ممكنا اذا كانت القرصنة يعاقب عليها و لم يستطع إديسون قرصنة تلك الأفلام الأوروبية، هذا يجعلنا نتساءل عن مستقبل السينما اذا نجحت مساعي البعض في إيقاف القرصنة و عرض الأفلام المستمر حيث تدفن الأفلام بعد عرضها السينمائي و التليفزيوني.
وكل تلك المرحلة الشديدة الصعوبة في مونتاج الفيلم كانت هي بداية التعامل السينمائي وبداية السينما في العالم وهي الفترة التي خرج من خلالها مونتيرين على درجة عالية من الدقة والمهارة في التعامل مع الميفيولا ومع حساب فكرة الزمن بدقة شديدة فكانت كل الأشياء يتم التعامل معها بشكل يدوي فالتعامل مع نسخة الفيلم بالقص والترتيب بهذا الشكل اليدوي كان يتطلب مهارة شديدة ودقة وصعوبة تجعل المونتير يمر بمراحل كثيرة من التجربه والتعلم والخبره ليصل إلى درجة إحترافيه شديدة في التعامل مع الفيلم ومع فهم كل مراحل صناعة الفيلم في تلك المرحلة بكل صعوبتها حتي وصل التطور التالي إلى المرحلة التالية وهي مرحلة الديجيتال والمونتاج الرقمي.
مابعد التصوير
بعدما تتم رحلة تصوير الفيلم تبدأ عملية المشاهدة، لابد أن تكون بعين جديدة غير محملة بمشاعر تجاه ما حدث آثناء التصوير، فلحظة الحقيقة على مشروع المونتاج تتمثل في المادة الموجودة أمامك فقط لاغير. لابد من تحديد ما هي المواد المرغوبة و ماهي المواد غير المرعوبة ثم البدء في تنظيف ما تم تصويره من الأخطاء وترتيب وترقيم اللقطات والمشاهدة بشكل دقيق.
قبل بدء عملية المونتاج من الممكن أن يبتعد فريق العمل عن المشاهدة قليلا لأنه طوال مرحلة التصوير وذهنه وعينه مشبعه باللقطات والزوايا وبالشكل الفني المراد تحقيقه فيكون في حاجة إلى استعادة صفاءه الذهني من جديد ويعمل برؤيا جديدة وعين جديدة تري الأشياء بصفاء. ليبدأ مرحلة المونتاج لأنها المرحلة الأهم والتي سيخرج فيها فيلمه للنور والتي فيها سيتم بناء الفيلم والتحكم في الزمن والإيقاع وخصوصا أنه سيبدأ مشاهدة ما تم تصويره ومابه من إيجابيات خرجت كما يريد ومافيه من سلبيات خرجت على غير رغبته بمشاكل التصوير المختلفة التي واجهها وسيكون عليه أن يتدارك الأخطاء والسلبيات ليبني فيلمه ويختار أفضل اللقطات المصورة من حيث التصوير وأداء الممثلين فعليه أن يكون صافي الذهن يري بعين جديدة.
للتذكر قبل المونتاج
- رتب المادة المصورة بترتيب واضح و مفهوم و في مكان محدد. لا تنثر المادة الخاصة بمشروع واحد في أكثر من موقع و ملف على الجهاز. إكتب على ورق ترتيب المادة و موقعها حتى لا تنساه.
حول المادة المصورة كلها لنوعية واحدة لسهولة عمل المونتاج.
- إحتفظ بنسخة أخرى إحتياطية على أسطوانات أو قرص صلب خارجي للأمان.
- التحضير الجيد: بناء القصة، التصوير الجيد، الصوت الجيد هو مفتاح العمل الناجح.
- حافظ على حاسوبك من التراب و الفيروسات و الزحام و التخريب (برامج بلا معنى - ملفات غير مرتبة - أقراص صلبة فاسدة - الخ..) على حد سواء. الحواسيب و التقنيات الحديثة هي عناصر ضعيفة تتأثر بأقل المشاكل.
- و أخيرًا: للأسف معظم المراجع التقنية و التطورات هي باللغة الإنجليزية. عالم الحواسيب و البرمجيات هو عالم متطور و متغير باستمرار، إذا كنت تنوي التخصص أو الاهتمام به، لابد من متابعة أحدث البرامج و التطورات دائماً.
قواعد الانتقال السلس
في معظم الأفلام التي نعمل عليها نريد للمتفرج ألا يحس بعملية القطع و اللصق للقطات، فالمطلوب منه أن يتابع الموضوع أو القصة المصورة بسلاسة، و لذا توجد قواعد للانتقال من لقطة إلى أخرى بسلاسة، في حال كسر هذه القواعد يكون الانتقال/ خشن، و هذا أيضا قد يكون مطلوبا في بعض الأوقات لدفع المشاهد للإنزعاج مثلا، و لهذا وجب معرفة كيف يكون القطع سلساً و كيف يكون فظّا.
لكن قبل أن تقرأ هذه القواعد لابد من العلم انه مع تطور الزمن ظهرت بعض الاتجاهات السينمائية عملت بقصد على كسر تلك القواعد لخلق حالة فنية جديدة وشكل فني يعتمد على القطعات الخشنة في شكل اللقطات وترتيبها، باستخدام قفزات العناصر و القطعات Jump Cuts لبث حالة معينة. إلا أن الغالب من المخرجين وأتجاهات السينما ظل محافظا على تلك القواعد وعمد على مراعاتها وتنفيذها بحرفيه شديدة.
قواعد الانتقال السلس هي:
- تغيير حجم و زاوية اللقطة
عندما تنتقل من لقطة إلى أخرى من المحبذ إختلاف أحجامهم و زواياهم عن بعض، حيث أن إقتراب الحجم يجعل المتفرج يدرك الإختلافات في مواقع العناصر في التكوين مما يجعلها تقفز أمامه، و لهذا سمي الإنتقال دون تغيير الحجم و الزاوية بالقطع القافز Jump Cut. عندما تغير الحجم و الزاوية لا يدرك المتفرج الإختلافات التي حدثت لمواقع و حركة العناصر في التكوين.
- المحافظة على سرعة الحركة
- المحافظة على الثبات من لقطة إلي أخرى
- الإنتقال إالي الفعل
- الإنتقال لسبب
أول شئ يجب مراعاته هو لماذا أقوم بالإنتقال من لقطة للأخرى؟ لابد أن يكون مسببا فما الدافع؟ سواء إظهار معلومة أو حديث بين شخصين يسترعي القطع.
- المحافظة على الخط الوهمي
"الخط الوهمي" هو دليل فى ذهن كل من المخرج و المونتير للاسترشاد به ,عن أي جانب من الموضوع يصورون أو ينظرون.وتخطي هذا الخط أثناء التصوير ينتج عنه موقف متناقض بصريا بالنسبة للمتفرج.لأنه سيواجه وجهات نظر مختلفة للحركة، وسيتغير إدراكه لما يحدث على الشاشة.
إذا كانت سيارة تسير من اليمين إلى اليسار عبر الشاشة، حينئذ يكون الخط في اتجاه سير السيارة.
وإذا كانت اللقطة التالية مأخوذة من الجانب الآخر من الخط .
فستظهر السيارة الآن وهي تسير من اليسار إلى اليمين، أي الاتجاه العكسي.
وفي الواقع أن السيارة تسير في نفس الطريق الذي سارت فيه من قبل، ولكنها ستظهر على الشاشة وكأنها تسير في الاتجاه العكسي. وتركيب تلك اللقطتان سويا، واحدة من الجانب (A) ,والأخرى من الجانب الآخر (B ) سوف يكسر التدفق البصري ,وسيجعل المتفرج يرتبك ويسأل، "لماذا تسير السيارة الآن في الاتجاه المعاكس؟".
لذلك يتعين اختيار اللقطة من اتجاه واحد فقط من الخط إلا إذا بدا الخط يتغير، أي أن السيارة تشاهد على الشاشة وهي تغير اتجاهها.
يجب المحافظة أيضا على الخط الوهمي أثناء تصوير الأشخاص.
فإذا كانت اللقطات مأخوذة من الجانب (A) عندها يظهر الشخص رقم 1 وهو ينظر إلى اليسار
و يظهرالشخص رقم 2 وهو ينظر إلى اليمين. ويمكن تركب هاتين الصورتان معا.
ولكن إذا صور الشخص رقم 2 من الجانب (B)، فسيظهر وهو ينظر أيضا إلى اليسار.
ومن الواضح أنه إذا نظر الشخصان إلى الاتجاه الأيسر، فهما ينظران إلى شخص ثالث، ولكنه غير مرئي لأنه خارج الشاشة off-screen . ولذلك فإما أن تصور كلتا اللقطتان من الجانب (A) , أو من الجانب (B)، ولكنهما لا يصوران أبدا من اتجاهين مختلفين.
وما يحدث في الواقع ليس له علاقة بواقعية ما يظهرعلى الشاشة. فما يحدث فعلا في اتجاه ما فى الواقع , ليس له علاقة بالاتجاه الموجود على الشاشة. فواقعية الشاشة هي مفهوم زائف يصنعه المخرج والمونتير (أنظر الجزء السابق عن الخيال). وما يفعله المونتير عمليا هو إعادة تجميع الصوت والصورة لتتوافق مع واقعية الشاشة.
- المحافظة على إتجاهات الحركة
كما رأيت إذا حافظت على الخط الوهمي ستظل إتجاهات الحركة كلها تظهر بشكل مستمر عبر اللقطات، فالعناصر التي تتحرك يميناً تظل تتحرك يميناً و كذلك إلى اليسار. أيضاً فحركة دخول وخروج الشخصيات في الكادر يمكن أن تظل مستمرة عبر تلك اللقطات و الإنتقالات المختلفة فالشخصية التي تدخل من يمين الكادر لابد حين الخروج أن تخرج من يسار الكادر.
- المحافظة على إتجاهات النظر
اذا ما كانت هناك شخصيتين متواجهتيين وتتحدثان فلابد مراعاة مكان كل واحد منهم في الكادر وإتجاه نظره. فالواقف في يمين الكادر في اللقطة الأولي وناظرا إلى اليسار لابد أن يكون في اللقطة الثانية آيضا في يمين الكادر وناظرا إلى اليسار، فالواقف في اليمين يظل في اليمين والواقف في اليسار يظل في اليسار، والواقف في اليمين لابد أن يكون ناظرا إلى اليسار والواقف في اليسار لابد أن ينظر إلى اليمين.
شاهد هذا الفيلم القصير و إستخدامه لإتجاهات النظر و الحركة و اللعب بالخط الوهمي للإيحاء بعلاقة جغرافية بين الشخصيات الأساسية، ثم خيانته لهذا المبدأ للتحايل على الفكرة في نهاية الفيلم: https://www.youtube.com/watch?v=eUvyUqzJ9cY
أساليب المونتاج
- المونتاج المستمر Continuity Editing
و هو أبسط أساليب المونتاج و الذي يلتزم فيه بقواعد الإنتقال السلس و الإيحاء التقليدي للزمن بوسائل الإنتقال. هناك أساليب مونتاج أخرى مثل المونتاج الموازي Parallel Editing و المونتاج التعبيري Expressionist Editing. هل تستطيع تعريفها؟ كيف تختلف عن المونتاج المستمر؟
وسائل الانتقال
عندما يتم ترتيب اللقطات، يقطع الجزء المطلوب وضعه في الفيلم من اللقطة و يربط باللقطة التي قبلها و التي بعدها لنخلق تتابعًا جديدًا من اللقطات. عملية الانتقال من اللقطة للقطة يمكن أن يجري بكيفيات عديدة، و يسمى وسيلة الانتقال transition
الأنواع الأساسية لوسائل الانتقال Transitions
- القطع Cut
القطع هو أبسط و أوضح وسيلة إنتقال. و هو القفز المباشر من آخر كادر في اللقطة السابقة لأول قطع في اللقطة التالية. هذا القطع يمكن أن يكون سلسًا أو خشنًا على حسب سلاسة و إيقاع تصوير اللقطات و الأحداث التي بها (انظر بعد ذلك قواعد الإنتقال السلس). في التعامل مع المادة المصورة نقوم بقطع اللقطات وترتيبها في سياق فني فيكون الانتقال من لقطة إلى أخرى ومن زاوية كاميرا إلى أخرى ومن مشهد إلى أخر عن طريق القطع وهو إحلال فوري لقطة مكان لقطة أخرى فتنتهي الأولي وتبدأ الثانية.
- التلاشي/الظهور التدريجي Fade In/Out
التلاشي التدريجي عندما تبدأ اللقطة في الإظلام تدريجيًا حتى تختفي تمامًا و يظهر مكانها الخلفية السوداء. الظهور التدريجي عندما تظهر اللقطة تدريجيًا من الخلفية السوداء. عادة استخدام أحدهما أو كلاهما يدل على تغيير المشهد أو التتابع الذي نراه و بدء تتابع أو فصل جديد في القصة أو الفيلم الذي نتابعه، وهي وسيلة تستخدم كثيرا للتعبير عن مرور الزمن.
- المزج Dissolve
المزج هو حينما تبدأ صورة تدريجيًا في الظهور على صورة أخرى حتى تطغى على الصورة السابقة. هذه الوسيلة في الانتقال عادة ما تشعر المشاهد بمرور بعض الزمن.
- المسح Wipe
يتم عن طريق إزاحة اللقطة الأولي وإحلال اللقطة الثانية مكانها من الأعلي أو من الجانب في شكل سريع وهي وسيلة تستخدم كثيرا في البرامج الترفيهية أو الأفلام الكوميدية وذلك نظرا لأنها أكثر الوسائل التي تبدو مصطنعة في عين المشاهد وعدم ملاءمتها للواقع وأحيانا تستخدم بشكل نصفي فقط حيث تنتج أنقسام للقطات على الشاشة (split screen) فنشاهد أكثر من لقطة متوزعه على الشاشة يحدث في كل منها حدث ما.
توجد العديد من وسائل الانتقال الأخرى، و لكن ينبغي الحرص عند استخدامها، فوسائل الانتقال المزعجة تلهيك عن الموضوع الذي تعرضه و عادة ما يكون أثرها سلبي. إذا نظرت على معظم فيديواتنا في مصرين ستجد أننا قلما نستخدم أي شئ غير القطع المباشر.
تذكر أيضًا أن الإيقاع يخلقه البناء و إحساسك بالأحداث التي تحدث أثناء اللقطة. فكر جيدًا في متى تنقل من لقطة إلى أخرى.
كيف يتم الأنتقال من لقطة إلى أخرى ومشهد إلى آخر أو من زمن ومكان إلى آخر؟ ماهي المشاعر المرتبطة بكل وسيلة إنتقال؟
- وسائل إنتقال عن طريق التصوير:
وسائل الإنتقال يمكن أيضاً أن يتم تأسيسها عبر التصوير نفسه و ليس أثناء المونتاج مثل:
- حركة بانورامية سريعة (fast pan)
يتم تنفيذها أثناء التصوير عن طريق أن تتحرك الكاميرا حركة بانورامية سريعة من مكان إلى آخر ومن شخصية إلى أخرى في سرعة شديدة فيستطيع المونتير أن يقوم بالقطع لتظهر لقطة جديدة أو أن تستمر اللقطة في حالة وصول حركة الكاميرا إلى شئ جديد.
- حجب إلى الأسود (move to black)
تتم عن طريق طريقتين:
الأولي: حجب خلف شئ ما: تتم عن طريق حركة الكاميرا بأن تتحرك الكاميرا لتقف خلف خلفية سوداء أو بيضاء سواء كانت جدار أو ظهر الممثل فيستطيع المونتير أن يقوم بالقطع وينتقل إلى لقطة ومكان جديد.
الثانية: الممثل يحجب هو الرؤية: تتم عن طريق أن يمشي الممثل بجسده ويقترب إلى الكاميرا فيحجب الرؤية كامله واللقطة التالية تكون مكان جديد وهي طريقة استخدمت بكثرة في الأفلام المصريه القديمة.
- الاختفاء والظهور البصري (focus in & focus out)
تتم عن طريق أن يقوم المصور بتحويل العدسة في الرؤية فتتحول الرؤية من صورة واضحة إلى صورة مذبذبة الرؤية ويتم بعدها الأنتقال عن طريق القطع إلى لقطة أخرى ومكان آخر وتلك الطريقة تم استخدامها بكثرة في الأفلام القديمة وخصوصا المشاهد التي يكون بها البطل مريضا داخل مستشفي ويبدأ في حكي ماحدث له.
- القطع البعيد (cut away)
تتم عن طريق تصوير شيئا ما ذات مغزي في المشهد ويتم القطع عليه بين لقطة وأخرى للتحكم في ترابط المشهد أو لسبب ما، ويكون ذلك القطع على سبيل المثال كقطع على ساعة حائط أو على نتيجة حائط أو شئ ما موجود داخل المشهد، ويتم العوده إلى اللقطة الطبيعية مرة أخرى.
إعتبارات عامة في المونتاج
- كلما كان الإنتقال سلسا، كلما قلت ملاحظته من قبل المتفرج
الوضع المثالي هو ألا يشعر المتفرج بأن البرنامج الذي يشاهده تم عمل مونتاج له. لأنه عندها ستتدفق الأحداث بسلاسة من البداية للنهاية. وأحيانا تكون الإنتقالات من القوة ، بسبب حسن اختيار اللقطات التي يتم مونتاجها. وبالتالى لن يحسها المتفرج أيضا ، وهو ما يساعد على التدفق البصري من لقطة الى أخرى. إن إحدى الجوانب التي تساهم في جودة الأفلام، هي أن تبدو كما لو كانت لا تحتاج إلى مونتاج بالمرة. أو أن باستطاعة أي فرد القيام بهذا المونتاج.
- الصوت والصورة شريكان وليسا غريمان
هذا يبدو واضحا، ولكن من المدهش أن نرى كثيرا من المونتريين يسمحون للصوت "بمحاربة" الصورة. فالصوت يعتبرشريكا وليس غريماويجب الاعتناء والحرص على تفاصيل مونتاجه مثلما يحدث مع الصورة.
المعلومات السمعية يجب أن تُدعم الرسالة التى تؤديها المعلومات البصرية. بل انها يجب أن تزودنا بالمعلومات التي تقوي وتؤازر اللقطة. فعلى سبيل المثال، إذا عُرضت لقطة سيارة تمر على لوحة في الطريق مكتوب عليها "مطار"، فبإضافة أصوات المطارالمناسبة، تصبح الرسالة البصرية قوية وبالتالي أوضح للمشاهد. وقد تحتاج صورا معينة لأصوات معينة بالفعل. فالحافلة الكبيرة، مثلا، تحتاج إلى صوت محرك كبير. ولتبسيط ذلك يجب القول أن المونتير يجب ألا تكون لديه صورة على الشاشة أبدا بدون أصوات غير متوافقة معها. والسبب في ذلك هو أن الصوت يعكس الواقع أسرع من الصورة. فالعين تميل إلى إدراك ما تراه بالفعل، بينما الصوت يمكن أن يثير الخيال بطريقة مباشرة. وبالتالي فإن "حث الأذن على مساعدة العين" هي أحد المهام الأساسية للمونتير.
وبالطبع توجد أمثلة عديدة لاستخدام "الصراع والعداوة" عند عمل مونتاج الصوت والصورة. وعند تنفيذ ذلك بطريقة صحيحة فستكون النتيجة قوية للغاية، وخاصة إذا كان الصوت مرتبطا بالحركة.
- يجب أن تحتوى كل لقطة جديدة على معلومات جديدة
"اللقطة من غير سبب قلة أدب" تعد هذه الممارسة العامة أحد أهم عناصر المونتاج . وهي جديرة بأن نطلق عليها اسم "قاعدة". ويعتمد نجاح البرنامج الجيد على توقعات الجمهور من التدفق المستمر للمعلومات. فإذا وصل ذلك التدفق بطريقة صحيحة ، فسيُحدث ويزيد باستمرار المعلومات البصرية التي لدى المتفرج عن أحداث البرنامج.
- يجب أن يوجد سبب لكل قطع
"القطع من غير سبب قلة أدب" يرتبط هذا العرف بالدافع motivation. وإذا كانت اللقطة جيدة وكاملة في حد ذاتها، أي أن لها بداية ووسط ونهاية، فليس من المفيد قطع أي جزء منها واستبداله وخاصة إذا كانت النتيجة النهائية ليست بأفضل منها ولا تلبي توقعات المتفرجين عن اللقطة الأصلية. باختصار، لا تقم بتشويه اللقطة.
- اختار الشكل المناسب للمونتاج
إذا لم يكن المونتاج ناجحاً، فلا يعني هذا أن استعمال المزج والظهور والأختفاء التدريجي سيجعلها ناجحة بشكل تلقائي. القطع غير السليم مثل المزج غير السليم. إذا لم تتوافق لقطتان سويا في المونتاج بإستعمال القطع، فهما بالتأكيد لن يتوافقا باستعمال المزج. والسبب في هذا هو إما أنه:
- يوجد خطأ فى زوايا اللقطتين .
- أو خطأ في الاستمرارية بينهما .
- أو عدم وجود معلومات جديدة فى اللقطة الثانية.
- أو أنه لا يوجد دافع للقطع.
- أو أنه يوجد خطأ فى التكوين بينهما .
- أو يوجد سبب مركب من الأسباب السابقة.
وعندها لن يستطيع المونتير عمل الشيء الكثير لتحسين ذلك الانتقال.
مثال: لنفترض أن الخط الوهمى تم عبوره بطريقة خاطئة. بالتالي سيصبح الرجل أو السيدة في الجانب الخطأ من الصورة.
واذا تم القطع من اللقطة الأولى الى الثانية ، فسوف يتولد أسوأ أنواع القطع الحاد. وسيحدث اضطراب بصري لدى المتفرج، ولن توجد استمرارية بين اللقطات. واذا تم استعمال المزج Dissolve بدلا من القطع cut فسيحدث ارتباك تام لدى المتفرج. وسيكون من حقه القول: "لماذا تحولت المرأة فجأة إلى رجل، والرجل إلى امرأة؟ هل لذلك مغزى خاص؟ فإذا فشل المونتاج باستعمال القطع، فالفشل سيكون ذريعاً في حالة كونه مزجاً.
الإيقاع
ليس الإيقاع بالضرورة مجرد إيقاع القطعات و النقلات، و لكن بداخل كل لقطة هناك إيقاع دفين: إيقاع الحركة، إيقاع ظهور المعلومات على الشاشة، حتى إيقاع المؤثر الصوتي. أيضاً في تفاعل الصوت مع الصورة بشكل حيوي (ديناميكي)، يجب تذكر ألا يعكس أحدهما الآخر بشكل تلقائي بالعكس قد يكون أكثر تأثيراً عندما يتعارض الإثنان (صوت ذو إيقاع حاد مع صورة هادئة أو العكس)، يجب التفكير في هذه العناصر بشكل نقدي، فكلها تخلق إيقاعاً:
- السرعة (سرعة حركة الكاميرا و الأشخاص)
- الإتجاهات
- القطعات والنقلات
- تسلسل المعلومات: متى أقوم بتقديم المعلومات.
ما القصة؟
كل اختيار يعطي معنى مختلف ويحكي قصة مختلفة، وهذا ما تحدثنا عنه من قبل.
بعض الناس لديهم قصص في وجوههم وأعينهم واوضاع أجسامهم. من واجبنا ان تقرأ هذه القصص ثم نفهمها ونوصلها للمتفرج.
لكي ننجح في هذا، يجب علينا ان ندرك جيدًا ونتحكم في أراءنا الشخصية في أثناء العمل.
النسخ المتعددة للعمل
نسخة المونتاج الأولى First Cut
النسخة الأولى هي نسخة مبدئية يكون تم فيها وضع اللقطات والمشاهد والفصول في شكل حكائي مبدئي لتكوين نسخة عمل أولي. بعد الانتهاء من النسخة الأولى والتي تكون بحاجة إلى مزيد من الشغل والعمل عليها، يقوم فريق العمل بمشاهدة تلك النسخة وتدوين كل منهم لملاحظاته على تلك النسخة من حيث طول اللقطات أو قصرها وإختيارهم للقطات بعينها وترابط المشاهد فيما بينهم والإيقاع المراد الحفاظ عليه وأسلوب سردهم للفيلم وللشخصيات وإبداء ملاحظاتهم حول وقت دخول الموسيقي وما قد يحتاجون إليه من مؤثرات خاصة أو أشياء مميزة من خدع أو غيرها، فتكون النسخة الأولى هي نسخة تجريبية يرون من خلالها طريقهم في سرد الفيلم وما يحتاجون اليه من تعديلات وإضافات.
أيضا هي النسخة التي يتحدد عندها القرارات المصيرية من نوع:
- هل تظهر المعلومات بشكل واضح في سرد الفيلم؟ هل القصة مفهومة؟
- هل هذا النمط من السرد (سواء كان متسلسل، موازي، أو مركب) هو أنسب نمط لموضوع الفيلم المصور؟ هل هناك أفكار بديلة لبناء سرد الفيلم؟
- هل هناك أفكارً تتطلب تعديلًا شاملًا سيغير شكل الفيلم بالكامل؟
نسخة المونتاج الثانية - النسخة الخشنة Rough Cut
في النسخة الثانية تكون نظرة الفريق إلى العمل الفني أعمق فالعمل قد بدأ في التكوين في شريط مترابط طويل من اللقطات فتكون النظرة هنا حول شكل الإيقاع واللقطات التي تخدمه واللقطات التي بحاجة إلى أن تطول مدتها الزمنية لتخدم هذا الإيقاع أو العكس بأن تكون بعض اللقطات قصيرة، والنظر إلى المشاهد وترابطها وكيفية الأنتقال بينها والتركيز على المساحات في اللقطات التي بحاجة إلى الموسيقي التي سيتم وضعها في المرحلة القادمة والمؤثرات التي سيتم وضعها لتحسين شريط الصوت أو الصورة.
نسخة المونتاج الحاسمة - Definitive Cut
في النسخة الحاسمة (الأخيرة) تكون هي اللحظة التي يكتمل عندها العمل بتركيب و تقطيع الفيلم حتى اصغر جزء من الثانية. هذه هي المرحلة الأخيرة و التي يبدأ بعدها تركيب الموسيقى و تصحيح الألوان و تركيب أي مؤثرات إضافية ليخرج العمل النهائي.
نسخة العمل النهائية Standard Copy / Master Copy
بعدما تتم كل المراحل التي تم ذكرها يتم التحضير لإخراج نسخة العمل النهائية بإضافة شريط الصوت كامل بالموسيقى ويتم عمل التترات بأسماء العاملين وإضافته إلى الشريط السينمائي ويتم مشاهدة نسخة العمل النهائية بعد كل الإضافات من المخرج والمونتير لمراجعة والتأكد من كل شئ وتقييم العمل النهائي وحينئذ تكون النسخة جاهزة للعرض العام على المتلقي والجمهور.
المونتاج الرقمي
كانت الصور المتحركة سابقاً تصور على خام سينمائي غالي و لكن مع الثورة الرقمية أصبح التصوير والتخزين والحفظ على كروت الذاكرة الرقمية والتي اختصرت و استبدلت مرحلة التحميض و التعامل مع الخام بمختلف أنواعه إلى كارت صغير يتم حفظ المادة المصورة عليه وإيصاله بالكمبيوتر لنقل المادة التي تم تصويرها إلى وحدات التخزين بالجهاز.
أصبحت بسهولة تستطيع عرض المادة المصورة من خلال شاشة الكمبيوتر و ترتيبها و مشاهدتها أكثر من مرة كيفما رغبت. و إن أدخلتها الى برنامج المونتاج يمكنك من خلاله التحكم التام فيها بتحريكها وتسريعها وتبطئتها كما تريد وهذا لم يكن موجودا في السابق. سابقاً لم يكن بمقدور المونتير أن يري قطعاته ألا بعد الطبع من جديد، أما الآن فأصبح تعامل المونتير مع المادة المصورة أسهل في التحكم، فلم يعد يتعامل مع شريط الخام بالقص واللصق وأصبح يتعامل بشكل رقمي فيستطيع أن يقوم بأي قطع يريده في المادة المصورة ويعيدها كما كانت من قبل ويقوم بأي خدع أو إضافة لأي مؤثرات أو تصحيح للألوان ويراها ثم يعيدها كما كنت من قبل فأصبح المونتاج أسهل وأيسر من البدايات الأولي للسينما وأصبحت الميفيولا من آليات الماضي ولم يعد لها وجود.
مع التطور التكنولوجي الذي حدث في السنوات الماضية وفرض نفسه بقوة كان لابد أيضا للمونتاج أن يدخل إلى تلك الدائرة من التطور في صناعة الأفلام فبعد سنوات طويلة من تعامل المونتير مع ماكينة الموفيولا بصعوبتها واحترافيتها بدأت مرحلة جديدة من التطور من الانتقال من الميفيولا إلى المونتاج الرقمي على برامج عديدة.
مؤخرًا ظهرت العديد من البرامج الرقمية للمونتاج التي يمكن تشغيلها على الحواسيب العادية. هذه البرامج متنوعة و متعددة وفي هذا المنهج نحن سنعمل على برنامج كدينلايف Kdenlive. و هذا البرنامج يعتبر من البرامج المتوسطة أي أنها يمكن تشغيلها على جهاز حاسوب شخصي ولا تحتاج لأدوات أو ماكينات خاصة، في نفس الوقت به العديد من الأدوات و الإمكانيات والإختيارات التي لا تتوافر في برامج أخرى للمستخدم الهاوي مثل Movie Maker – Pitivi - PowerDirector – iMovie وغيرها. برنامج كدينلايف أيضاً حرّ و مفتوح المصدر و مجّاني، يعمل على نظام تشغيل لينُكس أوبونتو و هناك نسخة أيضاً تعمل على نظام تشغيل أبل ماكنتوش.
هناك عدة برامج المتوسطة مثل أصبحت هي الأكثر إنتشارًا لأنها غير مكلفة لشراء أجهزة أو متطلبات إضافية و يمكن تشغيلها عند الشخص في المنزل. من البرامج المتوسطة الأخرى: أدوبي بريميير برو Adobe Premiere Pro من شركة أدوبي و تجاري و غالي السعر ولكن توجد منه نسخ مقرصنة كثيرة. يعمل على نظام تشغيل ويندوز و على أبل ماكنتوش. Final Cut Pro تجاري و أحد أكثر التطبيقات شيوعاً في صناعة السينما، و يعمل على نظام تشغيل أبل ماكنتوش. Lightworks و يعمل على نظام تشغيل ويندوز أو لينوكس أو أبل ماكنتوش، و به نسخة مجانية و أخرى تجارية ذات خواص أكثر.
و غيرها من البرامج الكثيرة؛ هذه البرامج كلها تتشابه في ترتيب العناصر و الشبابيك و شكل التنظيم و تعتمد على برامج أخرى لتشغيل صيغ و ملفات الفيديو. و لكن يجب مراعاة أن أساس المونتاج هو بناء القصة (أنظر القسم السابق)، و ترتيبك و صياغتك للقصة هو جوهر العملية المونتاجية و ليست الأزرار أو الإمكانيات المختلفة في الأجهزة، فأعظم مونتيرين في السينما لم يستطيعوا استخدام الحاسوب أصلا. أيضاً يجب أن تعلم أن هذه البرامج تتغير كثيراً، فلا تربط معرفتك التقنية ببرنامج واحد فحسب. بما أن كلهم متشابهين و عادة ماستجد نسخة من برنامج مجاني تناسب نظام التشغيل الذي تعمل عليه (و ان كنت متطورا تقنيا يمكنك أيضاً قرصنة أحد البرامج الغالية لتنزله بشكل مجاني).
أساسيات إستخدام برنامج المونتاج KdenLive
- العمل مع ملف فيديو واحد:
- المونتاج على أكثر من مسار
المؤثرات البصرية
يتم بعد ذلك العمل على إضافة المؤثرات البصرية وكل ما تحاجه الصورة من إضافات سواء كانت إضافات في خدع ما أو مؤثرات خاصة في الألوان والصورة أو كتابة شئ ما على الشاشة.
هناك نقاط أساسية يجب أخذها بعين الإعتبار في تلك المرحلة:
الفيلم هو عبارة عن خط زمني ممتد للصوت و الصورة بشكل مواز. يتمثل ذلك في شكل كل برامج المونتاج الموجودة.
أول أساس المونتاج هو الوضع و الحذف بالترتيب المرغوب. الترتيب هو عملية فكرية و ليست تقنية.
أساس التركيب هو القطع: حيث تقطع من لقطة لأخرى و هي الآداة الأساسية الموجودة في كل برامج المونتاج لتعبر عن أبسط وسيلة إنتقال.
استخدام المؤثرات المتقدم
تصحيح الألوان
عملية تصحيح الألوان هي لثلاث أهداف: الأول هو لتناسق اللقطات و المشاهد مع بعضها البعض و لتناسبها مع واقعية الظرف المصور (ليل، نهار، فجر، الخ) و تصحيح أي عيوب أو أخطاء تحول دون ذلك. الهدف الثاني هو لخلق معنى درامي محدد من عنصر لوني و بصري مثل: التأكيد أكثر على لون معين أو تعتيم بعض اللقطات لسبب ما أو لإضافة مؤثر ما في الصورة لسبب درامي. الهدف الثالث هو التأثير الجمالي العام، أي الوصول لصورة جماليا مؤثرة لتجذب عين المتفرج. و هذا لا يتعارض مع المحافظة على اللونية العامة للفيلم التي عمل الفريق على بناءها في التصوير من خلال الإضاءة و التوازن اللوني، فعملية تصحيح الألوان هي التجويد الأخير للصورة و الإضاءة.
الميكساج
الميكساج هي عملية تصميم شريط الصوت النهائي للفيلم، و ذلك و إن بدأ أثناء عملية تسجيل الصوت للفيلم نفسه، في إختيار الهوية الصوتية و أنواع الأصوات المسجلة من موقع التصوير، فأيضاً أثناء و بعد المونتاج يتم على عدة مراحل.
المونتاج الصوتي Sound Edit
الخطوة الأولى للميكساج و تتم أثناء المونتاج حيث يتم تقطيع الصوت مع الصورة و اضافة مؤثرات صوتية أو أي أصوات إضافية مثل الموسيقى التصويرية أو التعليق أو الدوبلاج (إعادة تسجيل صوت أحد الأشخاص أو تركيب صوت راوي Voice Over). و المونتاج الصوتي هو عملية تجميع و تسجيل أي من الأصوات الناقصة و تركيبها على شريط الفيلم في مكانها الصحيح حيث يخرج الفيلم بعد مونتاج الصوت و الصورة في توقيته و تقطيعه النهائي.
ضبط المستويات Levels and Tracking
هي المرحلة التالية لمعالجة أي مشاكل صوتية و تعديل مستويات حدة و إرتفاع الصوت لتكون كلها متناسبة بالقدر المرغوب. أيضا قد يكتشف هنا أن هناك صوت لا يمكن إصلاحه فيجب إعادة تسجيله (قد يكون مرتفعا للغاية أو منخفضاً للغاية أو به مشكلة في بيانات الصوت نفسه أفسدته). أيضا هنا يتم تركيب و تنسيق مراحل صعود صوت الموسيقى و إنخفاضها.
الميكساج النهائي Mixing
و هي المرحلة النهائية لتركيب أي مؤثرات إضافية أو لتطبيق تحسينات أو تعديلات محددة على الصوت، و لتنسيق عملية خروجه على حسب شكل العرض المتوقع: شريط واحد 1 Track (Mono) أم ثنائي Stereo أم ثلاثي الأبعاد Surround.
الموسيقي التصويرية
علاقة الموسيقى بالصورة هي علاقة أقدم من علاقة الصوت بالصورة المتحركة. ففي الأفلام الصامتة القديمة كان يصاحبها عازف آلة في دار العرض ليضاعف من تأثير الفيلم على المتفرجين. يجب أن تفكر جيدا في تلك العناصر عندما تضع الموسيقى مع الصورة: كيف يتفاعل سرعة tempo و إيقاع beat الصورة مع مثيلهما للصوت؟ ما هي الحالة المزاجية التي تعكسها علاقة الإثنان ببعض؟ علاقة الموسيقى بعناصر محددة في الصورة: البطل / المكان / الصراع الدرامي؟ ما هي المعاني المختلفة التي قد توحي بها الموسيقى دون احتياج لظهورها في الصورة و العكس؟
العرض و التوزيع
المشاهدة
المشاهدة هي جزء أصيل من عملية صنع الأفلام، فهي التي يتوقف عندها صانع الفيلم من الإرسال و يبدأ في الإستقبال. و تختلف المشاهدة عن ما يحدث أثناء المونتاج من الفرجة على مقطع و تحسينه و التغيير فيه، في أن المشاهدة يجب أن تكون من بداية العمل لنهايته، دون تعديل أي من الأخطاء التي يراها فريق العمل و لكن كتابة هذا التعديلات على ورقة منفصلة بالتوقيت المناسب لها. تتم المشاهدة عادة بين كل نسخة و الأخرى: النسخة الأولى - النسخة الخشنة - النسخة الحاسمة. و عادة ما يدعو فريق العمل بعض الأشخاص الذين لم يعرفوا أي شئ عن العمل من قبل حتى لا يتأثروا بتوقعاتهم المسبقة، أو أشخاص يثقون في رأيهم بشدة، أو باقي أفراد الفريق الذين لم يشاركوا في المونتاج لسماع رأيهم و أخذه بعين الإعتبار.
لابد من أخذ كل الأراء بصدر رحب حتى و إن جاءت على عكس هوى فريق العمل. فكل شخص هو أحد أفراد الجمهور الذي يهدف عملك للوصول اليه، لا تحاول الدفاع عن عملك بل هدف المشاهدة هو اكتشافك لنقاط الضعف لتصنع فيلما أفضل. إكتب كل الاراء حتى لا تنساها و لكن خذ نقاط محددة على ماتوافق عليه و تجد انه قد يساعدك.
بالنسبة للمتفرجين هناك أخلاق أساسية لمشاهدة عمل الغير حتى تأتي إليهم بأكبر قدر من الفائدة و المساعدة:
- شاهد بانتباه، لا تنظر بعيدا، لا تغفو، لا تتحدث، لا تنشغل بغير الفيلم.
- احتفظ في يدك بورقة و قلم، اكتب تعليقاتك بترتيب ظهور ما يستدعيها في الفيلم. لكن لا تقض الوقت كله في الكتابة بما يعيق مشاهدتك.
- خذ لحظات بعد المشاهدة للتفكير في رأيك و لا تنفجر صارخاً به أثناء أو مباشرة بعد الفيلم.
- هنئ الفريق على العمل، فكما أدركت الان انت تعرف ان العمل على أي فيلم يتطلب مجهودا جبارا يستحق التقدير و التهنئة بغض النظر عن النتيجة.
- إبدأ بما تعتقد انه جوهر العمل: رسالة الفيلم، القصة الأساسية، لتظهر لصانعيه أنك فهمت الفيلم بشكل صحيح.
- إسأل في حالة عدم فهمك لبعض النقاط، قد يكون فاتك شئ ما. السؤال في حد ذاته قد يساعد صانعي الفيلم على فهم ان هناك معلومات ناقصة أو غير واضحة.
- إبدأ نقدك بما رأيت انه يتوافق مع فكرة الفيلم، أو فيما وفق فيه فريق العمل، ثم و بالتدريج منه اذكر بالتفصيل ما شعرت فيه بالتقصير أو عدم الفهم.
- لا تقترح حلولا إلا إذا سألك صانعي الفيلم عنها، انت كمشاهد ليست شغلتك صنع الفيلم، بل فقط الإشارة لمناطق الإلتباس.
- لا تتحدث كثيرا بحيث تضيع النقطة الأساسية التي تحاول إيصالها، تذكر أن صانعي الفيلم حساسون للغاية في تلك اللحظة و كل كلمة تقول لها ستؤثر على عملهم في إنهاء الفيلم، فهم يحترمون جمهورهم للغاية و يقدرون رأيه.
- رد الفعل الإيجابي قد يضر على قدر ما ينفع. هل تستطيع تخمين كيف؟
- رد الفعل السلبي أيضا قد يضر على قدر ما ينفع. هل تستطيع تخمين كيف؟
- في النهاية اقترح أعمالا أخرى للمشاهدة إذا رأيت انها قد تفيدهم، أو إسألهم عما يحتاجون في الفترة المقبلة.
الرخص المفتوحة
- ما حقوق الطبع و ما مشاكلها؟
حق الطبع مفهوم قانوني ظهر خلال المائة سنة الأخيرة من عمر الإبداع الإنساني بهدف قصر الربح المادي من الإبداع الفني و الفكري على الطبّاعين و الناشرين،و قد ظهر أصلا كوسيلة لتنظيم السوق الناشئ الذي أوجدته الصناعة التي كانت قد بدأت للتو و هي صناعة الطباعة، بينما لم يكن ذلك المفهوم موجودا في الأزمنة السابقة عندما كان يحقّ لكل من ينسخ كتابا بيده أن يقتني منه نسخة أو حتى يبيعها، لأنها كانت الوسيلة الوحيدة لنقل المعرفة.
منظومة حقوق الطبع تضع الإبداع و الإنتاج الفكري في منزلة الملكيات المادية، التي هي بطبيعتها لا يمكن لشخصين أن يحوزا نسخة منها في نفس الوقت. و نتيجة لذلك تجعل فهي المنتج الفكري أو الثقافي أو الفني ملكًا لشخص واحد أو هيئة أو شركة و تمنع غيره ليس فقط من الكسب من هذا المنتج و لكن من عرض أو استخدام أو إنتاج منتجات أخرى مقتبسة أو مبنية على هذا المنتج دون الحصول على إذن من صاحب هذا المنتج.
المشكلة الأولى هي في التراث القومي للشعوب الذي قد يتحوّل بفعل هذه المنظومة القانونية المفاهيمية إلى ملكية خاصة لشركات و أفراد ربّما لو يكونوا موجودين أصلا وقت إنتاج تلك الأعمال! فمثلًا أغاني أم كلثوم و أفلام إسماعيل يس أصبحت تملكها شركات (روتانا). من وجهة النظر الحرفية للقانون صار لا يمكن لأي مبدع أو فنان مصري عمل لوحة مثلًا مقتبسة من أغنية أنت عمري دون أخذ تصريح من هذه الشركة. فهذه القوانين تحد من التبادل و التفاعل الفكري الذي أنتج لنا العديد من الأعمال الرائعة على مر التاريخ.
المشكلة الثانية أنها تجعل المعرفة حكرًا على من يستطيع دفع الثمن، فإذا طبقت الشركات القوانين بحدة لن يستطيع أي شخص لا يدفع ثمن الأفلام الأصلية و البرامج الحاسوبية الأصلية إستخدامها، و بالتالي في مجتمعات فقيرة كمجتمعاتنا الملكية الفكرية هي وسيلة لاستغلال و قمع الشعب اقتصادي لقمعه أيضًا فكريًا و تعليميًا و ثقافياً.
المشكلة الثالثة هي في إستحالة تطبيقها دون اللجوء إلى المحاكم و تعيين فريق قانوني قوي، و بالتالي فإن الفنانين و الأدباء و الإعلاميين المستقلين الذين تسرق القنوات يوميًا مادتهم الإعلامية و الأدبية لا يستطيعون أخذ حقوقهم المادية بينما تستطيع الشركات العملاقة تطبيق ذلك لمصلحتها بسهولة.
ما البدائل؟
حقوق متروكة
حقوق متروكة أو كوبي لفت (بالإنجليزية: Copyleft) هو تلاعب بكلمة كوبي رايت (بالإنجليزية: Copyright) أو حقوق النسخ وهي تصف استخدام قانون حقوق النسخ لإزالة القيود على توزيع النسخ والنسخ المعدلة من الأعمال للآخرين ويستلزم أن تكون نفس الحريات محفوظة في النسخ المعدلة.
"الحقوق متروكة" هو شكل من أشكال الرخص ومن الممكن استعمالها لتعديل حقوق النسخ مثل برمجيات الحاسوب والوثائق والموسيقي والفنون. عموماً، قانون حقوق النسخ يسمح لمؤلف العمل أن يمنع الآخرين من إعادة إنتاج أو استعمال أو توزيع نسخ من أعمال مؤلف العمل. على النقيض من ذلك، من خلال نظام ترخيص حقوق متروكة، يمكن لمؤلف العمل أن يعطي كل شخص يستلم نسخة من عمله الإذن بإعادة إنتاج أو استعمال أو توزيع، وكذلك يسمح له بتعديل العمل وتطويره بشرط أن تظل النسخة المعدلة أو المطورة ملزمة بنفس نظام ترخيص حقوق متروكة.
وفقا لقانون الحقوق المتروكة ، عندما كان صاحب البلاغ قد توزيع نسخ من العمل لتكون مستنسخة أو التكيف معه ، وأيضا في بعض الأحيان وعلى النقيض من صاحب البلاغ قد تشتمل على إذن لإعادة توزيعها.
"رخصة جنو العمومية" هي أول رخصة بهذا الشكل و المنبع لفكرة الترخيص الحر و الشكل القياسي الذي ينص على بعض القواعد لحقوق المتروكة. و هي الذي تُنشر بها معظم برمجيات حركة البرمجيات الحرة.
رخص المشاع الإبداعي
رخصة المشاع الإبداعي إحدى البدائل المطروحة لتخفيف قبضة منظومة حقوق الطبع و تدعيم تداول الأعمال الفنية و الإبداعية، و تيسير استخدامها و الاشتقاق منها و البناء عليها و تطويرها.
و الرخصة توجد منها عدة تنويعات توضح الحقوق التي يحتفظ بها المؤلف (حائز الحق الأصلي) لنفسه و الحقوق التي يتنازل عنها للآخرين، مما ينتج عنه حالة "بعض الحقوق محفوظة" عوضا عن "كل الحقوق محفوظة". صدرت الرخصة الأولى يوم 16 ديسمبر 2002 عن منظمة المشاع الإبداعي، و بحلول سبتمبر 2010 تم توطين الرخصة إلى 53 قضاءً حول العالم.
لمزيد من التفاصيل عن الرُّخصة طالع مقالة رخصة المشاع الإبداعي.
النشر على الإنترنت
ظهر على شبكة الإنترنت إعلاماً مغايراً يتميز بدرجة أعلى من الحرية و التنوع، و يميز الإعلام الرقمي القدرة على متابعة الأخبار أول بأول فالحدث يتم تغطيته و نشر أخباره وقت حدوثه. لكن ربما تكون قدرة المشاهدين على المشاركة فى نقد العمل و التعليق عليه و المناقشة العلنية بين الجمهور هي أهم ما يميز هذا الإعلام البديل.
من الاتصال للتواصل
اعتاد مستخدمو الإنترنت استغلال مواقع التواصل الإجتماعي و المنتديات و المجموعات البريدية لتبادل الأخبار، و النقاش و التعبير عن النفس، و يمكن تصور امتداد و تطور صور التواصل تلك وصولا إلى تمكن كل مستخدمى الشبكة من المشاركة في بناء كيانات صحافية جديدة. فالتقنيات المستخدمة لا تختلف كثيرا عن المنتديات و البريد الالكترونى، و التكلفة قليلة أو منعدمة.
عليك إذا أثناء إستخدام تلك الوسائل أن تسأل نفسك، كيف تتواصل مع الأخرين؟ كيف تتيح لهم الرد على أفلامك و أعمالك؟ كيف تخلق حوارا حقيقياَ بإستخدام هذه الأعمال؟
القنوات على الانترنت
القنوات الإفتراضية Web Channels مساحة شخصية تتيح لصاحبها البث و نشر الفيديوهات بسلاسة شديدة، يعرض فيها صانعي الأفلام أو الفيديوهات أعمالهم، أو حتى خواطرهم، و أخبارهم، و أرائهم، يغطى كل منهم الأحداث التى شاهدتها أو شاركت فيها و يناقش و يردوا على بعض. هذه المنصة لا تحكمها مساحة ولا رقابة ولا محرر. لا يحتاج الموضوع سوى ساعة على الأكثر لبدء قناة و التعرف على أساسيات التعامل معها.
المواد الإعلامية المتعددة
تطورت التقنيات الخاص بالتقاط و تسجيل الصور و اللقطات و الأصوات. فظهرت الهواتف النقالة التي تصور فيديوات و صور، و أصبح الناس يتناقلون الفيديوات المصنوعة شعبيًا عبر تقنيات البلوتوث و عبر منتديات و مواقع الإنترنت. فأصبح التدوين ليس محدودًا بالكلمة المكتوبة فقط بل تعدى ذلك للصور و الفيديوات.
و مع ظهور أدوات تقنية جديدة مثل مواقع التواصل الإجتماعي (فيسبوك – تويتر – ديليشيوس – دييجو - أوركت – و غيرهما) و مواقع النشر بمواد إعلامية محددة (مثل فليكر و بيكاسا للصور – يوتيوب و بامبوزر للفيديوات – إسسوو و سلايدشير للمجلات و الكتب – ساوندكلاود للتسجيلات الصوتية) أصبحت تلك المادة تتواصل مع مثيلاتها و تتلاقى فنجد أكثر من مادة تغطي نفس الحدث من زوايا و وجهات نظر مختلفة لتصنع وعيًا جديدًا أكثر مصداقية و تنوعاً، لا يمكن أن يسيطر فصيل أو تيار و ممول عليه.
ممارسات النشر على الإنترنت
تويتر
موقع للتواصل الاجتماعي يقدم خدمة تدوين مصغر تسمح لمستخدميه بإرسال تحديثات Tweets عن حالتهم بحد أقصى 140 حرف للرسالة الواحدة.
- نصائح لنشر الفيديوات عبر تويتر:
استخدام هاش تاج عن الموضوع: مثلا الثورة #jan25 أو العمال #egyworkers
يمكن إرسال الفيديوات لمستخدمي تويتر اللذين يتبعهم الكثيرون وقنوات التلفزيون مثل @nawaranegm @alaa @ontveg على أمل أن يقرروا إعادة نشرها. لاحظ أن الاستجابة غير مضمونة.
فيسبوك
يمكن نشر الفيديوات عن طريق فيسبوك ووضعها على المجموعات والصفحات الشهيرة مثل كلنا خالد السعيد والخ.
يوتيوب
موقع لنشر الفيديوهات مباشرة و يمكنك صنع قناة خاصة بك عليه.
- نصائح لنشر الفيديوات عبر يوتيوب:
- أضف عنوان واصف و شيق للفيلم، في منطقة الوصف despcription وصف وافي لمحتوى الفيلم، متضمن الأشخاص، الأماكن و التواريخ و الآراء و كل ما يتضمنه الفيلم.
- في منطقة Tags أضف كل الوسومات التي ممكن أن تتعلق بالفيلم، تلك الوسومات هي من أهم العوامل التي تحدد عرض الفيلم في قائمة نتائج أي شخص يبحث عن كلمات كمثال ، لو بحثت عن “ثورة يناير في المنصورة” سيظهر لي كل الأفلام الموسومة بتلك الوسومات. أدخل كل الوسومات الممكنة بالعربية و أي لغة أخرى.
- تأكّد أن الفيلم متاح للجميع للمشاهدة. إلا لو كان فيديو خاصا لا تريد أن تريه إلا للعائلة أو الأصدقاء، على خاصة Public في اختيار Privacy and Public settings .
- اختر موضوع الفيلم من قائمة category فهذا يساعد على تصنيف الفيديو و يزيد احتمال مشاهدته لمن يبحثون في تصنيف بعينه
- لو كنت ترغب في ترخيص فيلمك برخصة المشاع الإبداعي
يتيح يوتيوب ذلك. لهذا مميزات عديدة، منها المساعدة على انتشاره و زيادة فرص بقائه.
عروض الشارع
تعود المصريون منذ ظهور الفيديو و انتشاره في الثمانينات على عروض الأفلام في القهاوي و في الشارع.
أيضاً في شهر يوليو 2011 و بعد الحرب الإعلامية الشديدة التي شنها إعلام السلطة على كل أشكال النضال و الحراك الإجتماعي نشرت تعاونية مصرين الإعلامية دعوة على موقعها لعمل عروض في الشوارع، و منها بدأت سلاسل العروض المختلفة في الشارع.
عروض الشارع هي مفيدة للوصول لجمهور ليس عنده وسيلة لمشاهدة أفلامك على الانترنت، و لإنها نادرًا ما تعرض على شاشات التلفزيونات، فلنخلق في شوارعنا و مدارسنا و جامعاتنا عروض فيديوات شعبية لنعرض على كل المصريين تلك الفيديوات.
- لتنظيم عروض شعبية في شوارع مناطق سكنكم ، أو جامعتكم إليكم بعض الإرشادات:
- يفضل تنظيم العروض في مناطق سكنكم أو دراستكم بحضور اصدقائكم أو جيرانكم وعدد لا يقل عن 30 فرد لحماية الاجهزة في حالة المضايقات سواء الأهلية أو الأمنية.
- يفضل التنسيق مع جمعيات أو لجان محلية أو تابعة للحي أو أشخاص أو أماكن لها نفوذ في المنطقة خصوصًا في حالة تنظيم عروض في مناطق لا تعرفونها جيدا
- من أجل تنظيم عرض ناجح تحتاجون الى بروجيكتور، كومبيوتر لاب توب، سماعات، مصدر كهرباء، بالإضافة إلى شاشة عرض (بدلًا من شاشة العرض ممكن استخدام قطعة من قماش الخيامية بمساحة 3 متر * 3 متر، يتم تثبيت 10 فتحات معدنية في أطراف القماش حتى يتم تثبيت الشاشة منها، يمكن شراءها من الأزهر أو السوق بعد ماسبيرو تحت مطلع كوبري 15 مايو، تكلتفتها حوالي 280 جنيه) .
- يفضل الذهاب قبل العرض بساعتين للتحضير.
- يفضل أن يوجد شخص متحدث يعرف المتفرجين بكم و بهدف العروض وبطرق نشر هذه الفيديوات (سواء بتوزيع سيديهات بعد العرض أو على بتوزيع الفيديوات بصيغ تصلح للتليفونات المحمولة)).
- بعد العرض أبدأوا النقاشات مع المتفرجين لمجاوبة أي من أسألتهم و تشجيعهم على تنظيم عروض مماثلة حتى لو كانت لأفراد أسرتهم و لأصدقائهم فقط.
الأرشيف
عندما تخزن المواد التي صورتها فانت لا تحفظها فقط للمؤرخين الذين سيأتون بعد ثلاثين عاما لمعرفة ماذا حدث. ليس الأرشيف مجرد مادة انت تحاول إبقاءها في أمان، و لكن أسرع مما تتصور ستجد الحاجة للرجوع لما صورته لإعادة إستخدامه بشكل جديد.
في وسط موقف سياسي و إجتماعي متحول، كل الأحداث و تحليلها يأخذ منحى جديد كل يوم. بعد ثلاث سنوات من لقطة صورتها يأتي حدث ما و يعطي لهذه اللقطة معنى جديد كليا، لقطة عادية منذ سنة قد تكون لها قيمة كبيرة في ضحد السرد الحكومي اليوم. النسق السياسي الجديد، و الصراع اليومي مع الإعلام الرسمي يجعل السرد في حد ذاته هو أرض الصراع، خاصة مع المحاولات المستمرة للتأثير في الذاكرة الجمعية لشعوبنا عما حدث و كيف حدث.
انت تحتاج لمادة مصورة تعينك في صراعك، و نظام يسهل عليك إستخدامها. المواد المصورة، من هذا المنطلق، لا تموت على القرص الذي خزنت عليه، و لكنها حية تتفاعل مع أحداث يومك، و انت تحتاج للرجوع اليها بشكل مستمر.
كن منظماً
لا يهم أي نظام تختار و لكن المهم أن تختار نظاماً ما لملفاتك، كن منظماً و أتبع شكلاً محددا في تسمية الحافظات و الملفات (حتى لو إعتمد هذا الشكل الأسماء الميكانيكية المصدرة من الكاميرا مباشرة). أيضا حاول الإحتفاظ بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن الملفات المصورة معها: أين صورت، متى، من الذي صور، مالذي يحدث، من يظهر على الشاشة. يمكنك كتابة هذه المعلومات في ملف txt و تخزينه في نفس الحافظة بنفس اسم ملف الفيديو، و هذا أبسط الطرق. هذا سيساعدك على البحث الإلكتروني عن تفاصيل الملفات بسهولة، كما سيساعد أي شخص أخر لا يعرف مالذي تحتويه الملفات على فهم نظامك.
شجرة الحافظات
أبسط نظام لأرشفة الفيديو هو عمل شجرة من الحافظات منطقية مثل (العام به ملفات الأشهر به ملفات الأيام، و داخل كل يوم المنطقة المصورة).. يمكن عكس هذا المثال فعمل شجرة الحافظات تعطي الأولوية للمكان المصور ثم الزمان، أو الشخص المصور، و غيرها. أهم شئ في عمل شجرة الحافظات هو إمكانية المستخدم على فهم هذا النظام بسهولة حيث أنه لا يتطلب معرفة تقنية معقدة، و إختيار المحددات طبقا لأولويات الأرشيف نفسه حيث أنه لا يوجد أرشيفين للفيديو متشابهين.
الأرشيف كجزء من طريقة عملك
لا تعامل الأرشيف و طريقة إنتاجك للأفلام أو الفيديوهات كأنهم فعلان منفصلان، يجب أن يناسب طريقة نقل الملفات و حفظها و تسجيل بياناتها طريقة و سرعة و طبيعة عملك. و بالتالي يعكس طريقة ترتيبك للملفات و هيكل الحافظات طريقة تصويرك و جمعك للمادة. إذا إستطعت إيجاد برنامج سهل الإستخدام يتيح لك تنظيم الأرشيف و تسجيل معلومات عن كل ملف بشكل يناسبك يكون أفضل، و لكن إذا لم تستطع، فلا تقلق فشجرة الحافظات تعمل جيدا إذا ناسبتك.
حدد سيناريو الإستخدام الأمثل بالنسبة لك
لا يوجد أرشيفين مماثلين، يجب على كل صناع مواد سمعية و بصرية أن يقرروا العديد من القرارات المناسبة لإستخداماتهم، هذه هي بعض الإستفسارات التي يجب أن تفكر فيها:
نحن لسنا أمناء مكتبات
المكتبات و الأرشيفات التقليدية لديها أنظمة تسمح بتسجيل كمية هائلة من المعلومات، و لكنها ليست مصنوعة للإستخدام العادي، الإضافة أو البحث، هي للحفظ التاريخي. ما هو سيناريو الإستخدام للمادة الأرشيفية لديك؟ و على أساسه تحدد كمية المعلومات و كيفية حفظها.
الأمان في مقابل سهولة الإستخدام
يمكنك تشفير كل قرص صلب بإستخدام أدوات عدة مثل PGP - AESCrypt - BitLocker - AxCrypt و غيرها، أغلبها سهل للغاية و يعمل على أي نظام تشغيل و لكن التشفير يصعب قدرتك على إستخدام المادة مباشرة. إذا كنت تمنتج مباشرة من المادة الأرشيفية فهذا سيضاعف وقت عملك و يبطأك. يجب ان تفكر في إحتمالات العمل و على أساسها تقرر التشفير من عدمه.
موقع الأرشيف المادي و النسخ
أين ستحفظه و كيف ستصل إليه و ستستخدمه؟ كم عدد النسخ؟ ما هي المدة الزمنية التي ستجدد فيها عملية نسخه لحفظه من الضياع؟ أين ستحفظ النسخ في مكان آمن؟
عدد المستخدمين و نقاط الإتصال بالأرشيف
هل الأرشيف مصنوع للإتصال بحاسوب واحد فقط أم بعدة أجهزة في نفس الوقت؟ هل يستخدمه شخص واحد أم يجب تنظيمه بشكل يسمح لمجموعة من الناس أن يستخدموه بشكل جماعي؟ هذه الأسئلة ستحدد ما إذا كنت ستحفظ موادك على قرص صلب فحسب أم على خادوم للمواد الإعلامية أم على شبكة الإنترنت.
الأرشيف و أين سيحفظ و من سيتحكم به هو قرار سياسي
فحافظ الأرشيف يملك العلاقة المباشرة مع الأحداث و التاريخ و تحكمه بها هو تحكمه بسرد الوقائع و وجهة النظر التي سيتذكرها المجتمع.