حوار تمهيدي مع عمرو غربية حول معسكرات الإعلام الحر ديسمبر 2013
لو ابتدينا بالنظر لعلاقتنا بالإعلام واللي قدرنا نعمله عن طريق هذه العلاقة، سنجد إننا في السبع أو الثمان سنوات الماضية كسبنا الكثير، جزء من المكسب إننا بشكل ديناميكي قدرنا نأثر على أجندة الإعلام الكبير؛ المواد الإعلامية اللي طلعناها وضغطنا وتغطيتنا لبعض القضايا، فرضت على مؤسسات زي المصري اليوم والعاشرة مساء إنها تتناول نفس المواضيع، وده خلانا نأثر على الرأي العام بطريقة غير مباشرة.
بعد الثورة بقينا إحنا جزء من الإدارة الوسطى وعمالة كثير من هذه المؤسسات زي الشروق والمصري اليوم وON tv، في ناس مننا حاولت تغير من جوه وحققت بعض النجاحات في التأثير على المنتج الصحفي وعلى الرسالة الموجهة للرأي العام. وفي حالات زي مدى مصر ومصرين -رغم اختلافهم- بقينا إحنا المكنة نفسها؛ قومنا نماذج للصحافة أو للبروباجندا بنأثر على الرأي العام مباشرة.
كل ده شجع كثير من المؤسسات إنها تشتغل على موضوع صحافة المواطن، عن طريق التدريب على المهارات الصحفية. هذا النوع من التدخل -في رأيي- وصل لدرجة التشبع. أسهل حاجة إني أجيب مجموعة من منطقة محرومة وأمرنهم على الصحافة الحرفية ومهارات البحث والاستقصاء أو مهارات التويتنج والبلوجينج، وبالتالي تحويل أفراد من المجموعات دي لمشاهير صغار مما يشجعهم على ترك مجتمعاتهم المحرومة والانتقال للمركز.
اللي إحنا حقيقي محتاجين نفكر فيه، هو تقديم نماذج قانونية وإدارية مختلفة، زي اللي بتحاول مدى مصر ومصرين عمله. ومحتاجين نفكر في إبداعات تقنية سهلة ورخيصة تمكنا من إيجاد بدائل للنايل سات والـFM radio ومطبعة الأهرام.
ده مش معناه إن التركيز على المهارات مش مهم، لكن رأيي إننا نركز على المهارات إللي فيها مشكلة، زي كل المهارات المتعلقة بهندسة الصوت؛ مهارات التسجيل في الشارع، ومزج الصوت بالصورة، وبناء استوديوهات الصوت...
30 يونيو خلت تفكيرنا في طريقة نقدر بها تقديم نسختنا من الحقيقة أمر محوري. أغلب الإعلام الشعبي غير معالج ولا يصلح للطرح على الرأي العام مباشرة. لازم نفكر في عملية يتم من خلالها معالجة هذا المحتوى، في منتج أو 2 نقدر نطرح من خلالهم على الرأي العام نسختنا من الحقيقة، برنامج أونلاين يومي بيقول إيه اللي حصل النهارده وده معناه إيه؟ حاجة كده زي الربع ساعة الأولى من برنامج ريم ماجد.
ورغم إننا عندنا مصنع زاعق للبروباجندا، لكن نجاح المصنع ده في الحقيقة مبني على شهرة أطرافه، مش على متانة أساسه الأيدولوجي. ورغم إن هدف المصنع ده في الأساس هو الوصول لأكبر عدد من الناس، إلا إن في النهاية موضوع التواصل ده بيتم بطريقة عضوية؛ محدش عنده قاعدة بيانات فيها 2 مليون بريد إلكتروني، محدش عنده قاعدة بيانات بالأشخاص المحوريين في كل مجال وموقع، لو عاوز أعرف الناس اللي بتشتغل على القضية الفلانية في المنوفية ويكونوا ستات، مش هلاقي إجابة.
اللي عاوز أقوله إننا لو أغفلنا في التدخل بتاعنا "المعسكر" مهارات الكتابة الصحفية، حد تاني هيعمل المهمة دي، اللي مش هنلاقي حد تاني يعمله لو معملناهوش هو توفير أدوات تساعدنا في إدارة الحملات، شرح كيفية بناء ستوديو بأرخص طرق، كيفية بناء مطبعة، التمكين من إنتاج مطبوعة من 8 ورقات بأرخص الطرق، تنتج محليا وتستهلك محليا، وتقديم وصفة كاملة لهذه العملية، تقديم نموذج لصحافة مبنية على البيانات، وصياغتها باعتبارنا أشخاص (افتقاد هذه المسألة هي واحدة من أهم مشاكل البيانات والمعلومات اللي بتطلع من المنظمات الحقوقية على سبيل المثال)، طرح أهمية الأراشيف للحفاظ على الكميات المهولة اللي بحوزتنا من مواد صحفية، شرح كيفية إدارة وصيانة الأراشيف وأهمية رقمنة البيانات، نشر المحتوى الخاص بنا في نشرات ورقية وإليكترونية، وتوفير الادوات اللي بتسمح بقراءة المحتوى ده على الكيندل والموبايل ...
التركيز على الإنترنت مش رفاهية، فهي الوسيط اللي استغليناه من البداية وخصوصا بعد ما تحولت من مجرد طريقة للتواصل بين اتنين لوسيلة كفأة للتواصل بين المجموعات ونقل المعلومات، وعرفنا نخلي منها بديل لقاعة الاجتماعات والتلغرافات. ونتيجة لكونها وسيط ديمقراطي قدرنا من خلالها نسمع صوت كل المنبوذين، من أول قواعد الإخوان لغاية البنات اللي قدروا عن طريقها التعبير عن نفسهم والكلام عن علاقتهم بجسمهم...
الخلاصة أنا حابب إننا نركز على البنى التحتية والأدوات والمهارات والاشكال ووسائل التنظيم، اللي تخلينا مش مضطرين لا نقلد المؤسسات الكبيرة ولا نحتلها. لإننا ببساطة لو حاولنا منافسة الوحوش بنفس طريقتهم، حتى لو كنا ناس أحسن، هنخسر لإننا عمرنا ما هيبقى عندنا إمكانياتهم.
مش المفروض إني احاول أعيد إنتاج المصري اليوم ولا حتى البديل، ولا أدور على طريقة آخد بها تصريح المجلس الأعلى للصحافة وأطبع في مطبعة الأهرام، المفروض ادور على حاجات تخليني مش محتاج لده أصلا.
طبعا محاولات زي باسم يوسف ومدى مصر هتخلينا نتخنق خناقة حرية التعبير ومحاولات زي جرامافون هتخلينا نتخانق خناقة البث. يعني أهمية المحاولات دي إنها بتساعدني في المعركة الإصلاحية.. لكن المحاولات دي مش كفاية لإني لازم أخلق منطقتي المحررة اللي محدش هيعرف يوقفهالي.
والتركيز على الحاجات اللي مينفعش تطلع إعلام كبير، في حد ذاته، هيبقى فلتر، يبعد عننا إللي عاوز يشتغل في جرنال الفجر واللي عاوز يبقى صاحب الدكان الوحيد واللي عاوز يحط على مدونته لقب رئيس التحرير. وهيبقى جاذب لكل اللي عاوزين عملية تشاركية وعلاقات ندية.
عاوزين نركز على توفير مساحات مادية لمحاولات إنتاج الصحافة الشعبية، وعلى إن المحاولات دي تكتر، على إننا نوفر الأدوات والادلة والـHOW to اللي تخلي الناس دي قادرة تشتغل وتنتج، وترتبط مع بعضها البعض في مؤسسات سائلة.
ورأيي برضه إننا نركز على القيم المتعلقة بالأنظمة والبنى التحتية مش القيم المتعلقة بالمحتوى، يعني التشاركية والإنفتاح واللامركزية، عدم التراتبية، والآمان والمجهولية للبيانات المفتوحة... ومنقلقش إن ده هيسمح بتقويم محاولات بعضها تقدمي وبعضها محافظ.