مقدمات منهج شمشر في حرف و فنون الفيديو
مقدمة: روح المنهج و رسالته
مهنة عمل الأفلام هي تاريخيا مهنة صناعية بالمقام الأول، ينقسم فيها الفنانون مثل عُمَّال المصانع على حسب موقعهم في ميكنة العمل. انعكس هذا الشكل على كل المؤسسات الإعلامية التي تعمل بالفيديو مثل قنوات التليفزيون واستوديوهات الإنتاج المتعددة، كما انعكس أيضا على كل المدارس أو المؤسسات التي تُدرِّس الفن السينمائي أو الحرفيات المختلفة للعمل بالإعلام. فهي تُركِّز على الشكل، التقنية أو الأسلوب -أي كيف تدير ماكينتك و ما الأزرار التي تضغط عليها وخلافه.
و بالرغم من التطوُّر التقني الهائل الذي حدث في تكنولوجيا الفيديو: سواء في تطور الكاميرات و مسجلات الصوت والصورة أو في وحدات التلاعب والعمل الإلكتروني بالمواد الإعلامية مثل برامج المونتاج والميكساج وخلافه، وبالرغم أيضاً من التغيير الكبير في أوضاع وأشكال إنتاج الأفلام بدءً من طرق التمويل وحتى أساليب العرض؛ لم ينعكس أياً منها على شكل الإنتاج الصناعي الذي يفصل الممارسة الحرفية عن التحليل، كما يفصل الحرفة عن الأخرى، ويغرق الفن السينمائي في بيروقراطية من "المفروض" و "الخطأ و الصواب،" تاركاً هامشاً صغيرا جدا للحرية الإبداعية وللتعامل مع الوسيط مثل الورقة والقلم، كوسيلة للتعبير الحُرّْ. نطمح من المنهج المقدم في هذا الدليل أن نُجرِّب أسلوباً مختلفا، لا ننوي من خلاله تدريب حرفي لـ "مصور" فقط أو "مونتير" فقط، بل محاولة للنظر في إمكانية تطوير المهارات المتعددة بترابطها مع بعضها، لنُدرِّب صانع الأفلام الفرد، والفريق الإعلامي المتكامل، الذي يتشارك و يتبادل الأدوار ويتعامل مع المواد المُصوَّرة والمُسجَّلة بحرية الفنان الذي يقص ويلصق. فهدفنا من هذا المنهج هو التعامل مع الصور المتحركة باعتبارها لغة سلسة، دائمة التغيُّر؛ هي ممارسة مستمرة بين المشاهدة والتذوُّق بقدر ما هي بالكتابة والتصوير والمونتاج.
أخيراً نرى في هذا المنهج، كجزء من مشروع تمكين الشباب رقمياً، أنه يفتح لمتلقيه (مدرب أو مشارك) الباب للتعامل بحرية ودون قيود مع أحد أدوات المجال التعبيري، في حالتنا الفيديو أو وسيط الصور المتحركة تحديداً، كأداة اتصال مستمرة بيني وبين الآخر لها قيمة مضافة عن التواصل اللفظي باللغة فقط.
لمن هذا الدليل؟
هذا الدليل موجه بالأساس لمدربي فنون الفيديو لكي يقوموا بتطبيق مجموعة من الأنشطة سواء منظمة في شكل ورشة أو يوم عمل أو حتى مدرسة مكثفة لتدريب أطفال وشباب تتراوح أعمارهم من العاشرة والثامنة عشر على حرف وفنون الفيديو و الصور المتحركة. يمكن استغلال هذا الدليل كمرجع عام لأساسيات الصور المتحركة والفيديو و لكن مع الحذر في الاسترشاد به خارج هذا الإطار: فهو ليس شاملا ولا وافيا في حد ذاته وإنما هو المحتوى المكتوب اللازم استخدامه من قبل المدرب لتطبيق التدريبات على أرض الواقع مع الفئة المستهدف تدريبها. يمكن استخدام قسم المحتوى المعرفي في التعلم الذاتي للهواة.
إرشادات عامة
من المهم أن يراعي المدرب مجموعة من الإرشادات لأنها تنبع من قيم وروح المنهج وتؤسس للتدريب على المهارات والقيم بواسطتها. هذه الإرشادات هي:
- الممارسة المستمرة لصنع الأفلام ومشاهدتها ونقدها هو الإطار الأساسي للتطور المهاري والفكري في مجال الفيديو، وتتبعها (ولا تسبقها أبداً) القراءات والمحاضرات وغيرها من أساليب التلقين والتحفيظ.
- دور المدرب هو الإلهام وفتح النقاش وإثارة الفضول وتوجيه الممارسة الحرفية أثناء التدريب وليس المحاضرة أو التلقين.
- مقدمة المنهج ورسالته هو روحه الأساسية وجزء أساسي به، فلا يمكن تطبيق النشاط بدون فهم روحه ورسالته. كذلك أهداف المنهج القيمية والمعرفية وطرق متابعة تحقق هذه الأهداف عند المتدربين هي أساسية في تطبيق هذه الأنشطة، ولهذا لا يجب في أي وقت من الأوقات تطبيق هذه الأنشطة بمعزل عن رسالة المنهج وأهدافه.
- السينما أو الفيديو هو عمل جماعي بالضرورة، جزء أساسي من تطبيق هذا المنهج هو تشجيع التشارك بين المجموعات المختلفة للتغلب على التحديات التي يواجهها الأفراد.
- الإبداع و المبادرة الفردية هي أساس الروح السينمائي؛ يجب أن يتيح المدربون للمشاركين كلهم فرصا لإظهار أفكارهم الشخصية وأن يُترك لهم مساحة كافية لإطلاق المبادرات بشكل فردي، ليكون التشارك مبني على التكامل وليس التبعية.
- التعليمات والقواعد هدفها إتاحة الفرصة للإبداع وليس العكس؛ يجب أن يتم التعامل مع كل الأنشطة على أنها فرصة للتحليق عالياً وليست التصميم المثالي للطائرة.
- الأخذ في الاعتبار دائما أهداف الأنشطة وكيفية تحققها، و ليس مجرد ممارسة النشاط بشكل ميكانيكي.
- اللغة الفيلمية، هي متطورة دائما و تعتمد على عقود من التراث السينمائي والإعلامي، يجب على أي مدرب أو متدرب أن يشاهد أفلاما بلا توقف قبل وأثناء وبعد هذه الدورة.
- ضرورة الالتزام بالألفاظ الدالة على المفاهيم وعدم استسهال استبدالها بمقابلات دارجة أو مُبسّطة، وفتح نقاش حول الألفاظ الإشكالية لتوطينها عند المتدربين.
- عدم الارتباط بمعدات (كاميرات أو تقنيات) وبرامج بعينها، ومحاولة إعطاء نظرة كُليَّة شاملة على المعدات والبرامج المختلفة مع شرح اختلافاتها، كما ينصح بالإشارة دائما إلى مصادر وموارد للتنزيل أو أماكن للإيجار أو للاستعارة لمعرفة الإمكانيات المتاحة أمام المتدربين.
- نستخدم أدوات وفنيات قابلة للتداول والمشاركة و من مصادر متاحة برخصة حرة (المشاع الإبداعي أو غيرها).
مدربي منهج الفيديو
الشروط الواجب توافرها عند مدربي الفيديو (معايير التقدُّم):
- معرفة بسيطة بحال السينما والإعلام في مصر، و بعض المعرفة لحركة السينما المستقلة.
- العمر من ٢٠ إلى ٣٥ سنة.
- القدرة على استخدام الحاسوب وتصفُّح الإنترنت.
- القدرة على التعلُّم السريع للبرمجيات المختلفة وإيجاد حلول للمشاكل الطارئة.
- القدرة على تشغيل الكاميرات والتسجيل عليها.
- القدرة على التواصل مع المتلقِّي مع قدرة على الشرح والصبر في توصيل المعلومة.
- إيجاد اقتراحات وحلول مبتكره لزيادة تنمية وتشجيع أفكار المتلقي.
المتطلبات الشخصية لمدربي الفيديو (معايير الاختيار):
- الفضول ورغبة محسوسة في التعلّم الذاتي وتنمية المعارف والمدارك.
- المشاركة في أنشطة مجتمعية والاهتمام بالعمل لفائدة المجتمع إلى جانب النفع الذاتي.
- الحماس والهمة والقدرة على مواصلة العمل لمدة تزيد عن ٥ ساعات متواصلة (ضروري في متابعة المشاريع).
- القدرة على التواصل الاجتماعي الإيجابي وتحفيز الآخرين
- القدرة على الشرح والصبر في توصيل المعلومة والتأكد من المهارة.
- امتلاك حس النقد البناء.
- معرفة واسعة بتجارب متعددة في تاريخ السينما والإعلام العربية والدولية.
- إدراك لإمكانيات الوسيط الإعلامي الواسعة في التأثير والتأثُّر مع مجتمعاتنا.
- الاهتمام بالشأن العام والمعرفة بمجريات التغير الاجتماعي والسياسي الحالي.
- الوعي بأهمية التعليم كوسيلة لتمكين الإنسان عموما، و بالذات في المجتمعات المحرومة والمهمّشة.
- الاطلاع على مستجدات العلوم والتقنية ومتابعة أخبارها: أحدث التقنيات والأدوات.
- واسع الحيلة في التعامل مع الأجهزة والبرمجيات والأدوات.
الأهداف
مصفوفة التتابع و المدى في المنهج و أهدافها التفصيلية:
التالي هو تنظيم لمجمل الأهداف العامة التي يطمح المنهج أن يحققها عند متلقيه. ترتيب الجلسات نفسه يغير من ترتيب تلك الأهداف أو يجمع ويفصل بينها، و لهذا نرى في كل جلسة الأهداف التي ترغب في تحققها.
قسمت الأهداف على حسب مساقها. المساق هو الموضوع بشكل عام أو البند؛ ويقصد به مكون رئيسي في صناعة الأفلام ترتبط به مجموعة من المعلومات والفنيات والمهارات والقيم.
جدول
أهداف التربية الاجتماعية ونتائجها المرغوبة:
1. القدرة على العمل الجماعي وتقسيم الأدوار بشكل ناجح. 2. إدراك قدرات الفرد وحدودها، 3. دعم القدرة على المبادرة والثقة بالنفس وتكاملها مع الجماعة في مجال الفيديو. 4. إدراك أن المعنى ليس بسيطاً وأن القراءة والتحليل هام في التواصل الاجتماعي. 5. الشغف بالوسيط السينمائي ومواصلة التعلم والتعبير بفنياته. 6. التحلي بالمرونة، والقدرة على تبين البدائل والتفضيل بينها، على أساس مركب من الأوزان النسبية لكل عنصر في البديل الواحد. 7. إدراك المسئولية الاجتماعية المرتبطة بالعمل الإعلامي، وعلاقة الوسيط بالتأثير والتأثر في المجتمع.
أنواع الأنشطة
يعتمد المنهج على ٥ أنواع من الأنشطة الأساسية. الجلسة الواحدة قد تحتوي على نشاط واحد أو أكثر، بعض الأنشطة قد تحدث خارج وقت الجلسات المُحدَّد، ولكن يصمم المنهج بحيث يتيح تحصيل المعارف والقدرات والأهداف التربوية من خلال جلساته فقط. الأنواع هي:
- عرض / محاضرة: هو نشاط يقدم من فرد (المدرب) ويستقبله المجموعة (المشاركين). يقصد بها عندما يتم عرض محتوى ما: قد يكون المدرب يشرح شيئاً أو مقطعا من فيلم أو أي نوع عرض آخر.
- تدريب: هو نشاط يقوم به كل المشاركين تحت إرشاد المُدرب وتوجيهه، ومتابعته لهم.
- لعبة: هي نشاط جماعي يعتمد على تساوى كافة المشاركين وتهدف لإدماج المشاركين معا في تجربة عملية تتيح التعلم الذاتي/الإدراك.
- منتج تدريبي: منتج يوضح مدى الإفادة
- مشروع: في هذا النشاط يعمل المشاركون وحدهم و دون متابعة مباشرة على "عمل" من إنتاجهم.
تنظيم الجلسات و إدارتها
الجلسة هي الوحدة التدريبية الأساسية لتطبيق الدليل بشكل عملي. كل جلسة مدتها ٣ ساعات و تحتوي على نشاط واحد أو عدة أنشطة. المنهج مُصمم بحيث أن كل أسبوع به ٣ جلسات.
جميع الجلسات في هذا المنهج مصممة وفقا للشكل التالي:
جدول
خطط الجلسات المتنوعة
في هذا الدليل يمكنك تصميم الورشة التي تناسب احتياجاتك، المنهج مصمم بحيث يمكنك فك و تركيب أي من الوحدات (الجلسات - الدروس في المحتوى المعرفي - المواد المرفقة) بالشكل الذي ت/يراه المدرب/ة مناسبا في المدة الزمنية المرغوب في تصميم الورشة لها. عبر إعادة تنظيم و ترتيب الجلسات تتكشف دائما احتمالات إبداعية جديدة في تطبيق المنهج قد تخلق ثراء أكبر، و لهذا ندعوكم دائما للمشاركة الإيجابية في تطبيق هذا المنهج عبر تصميم خطة بنفسكم و ليست اعتمادا على النماذج التي نطرحها عليكم هنا.
و لكن تسهيلا للمدربين و لفهم طبيعة هذا المنهج نرفق هنا نماذج متنوعة من خطط للجلسات المختلفة:
١. خطة ورشة ليوم واحد :
جدول
2. خطة الجلسات المتنوعة لورشة شهر واحد، بمعدل ٣ جلسات أسبوعية :
جدول
٣. خطة الجلسات لبرنامج المتدربين على مدار ٣ أشهر، بمعدل ٣ جلسات أسبوعية:
جدول
٤. خطة ورشة لثلاثة أيام مبنية على جلسة المشهد المفقود :
برغم من أن المنهج مصمم بحيث تكون الجلسة هي الوحدة التدريبية الأساسية لتطبيق الدليل بشكل عملي. كل جلسة مدتها ٣ ساعات وتحتوي على نشاط واحد أو عدة أنشطة. هذه الخطة تأخذ جلسة واحدة وتجعلها هي الإطار الأساسي لتنفيذ باقي الجلسات.
في هذه الحالة تكون جلسة "المشهد المفقود" هي الطرح المبدئي لتنفيذ الورشة.
تبدأ فكرة الجلسات المتنوعة بلعبة: يطرح المدرب موقفا و هو أن أحد الأفلام المشهورة فقد فريق عمله مشهدا هاما قبل تسليمه لصالات العرض أو التليفزيون، و يجب إنقاذ الموقف وإعادة إنتاج هذا المشهد مرة أخرى بأبسط الأدوات الممكنة ويتم إخبار المشاركين بأنهم هم أفراد العمل الفني وتتم المناقشة ذلك معهم وذلك لاكتشاف ما يعرفوه عن صناعة الإعلام والأفلام والمهن التي قد تكون موجودة في تنفيذ هذا العمل وطبيعة أدوارها. ثم يقوموا باختيار مشهد معين أو أكثر تتفق عليه الغالبية ثم يتم تحديد المهام والتوصيفات التي نحتاجها للقيام بتنفيذ هذا المشهد.
- يمكن استخدام الورش التالية في التدريب على المهام المختلفة ويمكن أيضا دمجها بشكل مبسط وحذف بعضها في حالة عدم وجود وقت كافي مثل: المشخصاتي لتمثيل شخصيات المشهد. وأفيش وتشبيه لرسم أفيش المشهد. أيضا تدريبات تسجيل الصوت في ورشتي: "أستغماية بالميكروفون" و "حد سامع حاجة".
- يمكن العمل على تصور واحد أو أكثر ويمكن أيضا أن تعمل كل مجموعة بالترتيب المناسب لها من الجلسات وذلك وفقا لتوجه اهتمامات الأطفال وتساؤلاتهم ولا يشترط أن يسير الترتيب بشكل معين فالباعث الرئيسي هنا هو حاجة الأطفال للمعرفة وتساؤلاتهم
- العمل على المشروع النهائي يبدأ من أول جلسة وينتهي في الجلسة قبل الأخيرة
- يتم تصميم واختيار الجلسات بشكل يسمح بتعرض الأطفال لمختلف فنون ومهام إنتاج الفيديو وهو شكل مرن يسمح باستخدام المدرب لأي ورشة أخرى غير موجودة وفقا لما يراه من حاجة الأطفال إلى المعرفة
- لابد من وجود تأثير للعمل الأصلي (الذي وقع عليه الاختيار لتنفيذ أحد مشاهده) في الأحداث أو الشخصيات.
٥. صمم جلساتك :
من هذا المثال الأخير نتجه نحو قراءة كل جلسات الدليل. وبناء على شكل تنظيم الجلسة: تحديد الحيز الذي تقع به، الخامات و المواد الضرورية، المعدات اللازمة، ماهي الأهداف المعرفية التي تهدف إليها الجلسة سواء كانت لعبة أم تدريب أم غيرها، و ماهي المخرجات التي سيحصل عليها المشاركون بانتهاءهم من تنفيذ خطوات الجلسة. أيضا مع إدراكك لتطبيق روح المنهج، في التعلم عبر الممارسة والرقابة المهنية والفنية دون تسلط وغيرها من المبادئ والإرشادات العامة.
نسألك الآن، قارئ هذا الدليل، و مدرب الفيديو. هل يمكنك التفكير في تصميم جلسات أخرى خارج هذا المنهج؟ قد تقرر أن تأخذ أقل القليل من هذا الدليل و لكنه فقط سيساعدك على تصميم جلساتك بالشكل الذي تراه مناسبا للمشاركين الذين تدربهم والظرف الزمني، المكاني والمادي للتدريب