سطر 1: |
سطر 1: |
| + | == '''تمهيد'''== |
| + | |
| لا تفرض الأنظمة والفئات المسيطرة هيمنتها على المجتمع، من خلال سيطرتها على أجهزة الدوله (البيروقراطية الحكومية) أو أدوات القمع (الجيش والشرطة) أو من خلال قيادتها للعملية الاقتصادية فقط، ولكنها تحتاج أيضا لأدوات أيدولوجية للهيمنة كالإعلام، يمكنها من انتاج رأي عام متوافق مع توجهاتها. | | لا تفرض الأنظمة والفئات المسيطرة هيمنتها على المجتمع، من خلال سيطرتها على أجهزة الدوله (البيروقراطية الحكومية) أو أدوات القمع (الجيش والشرطة) أو من خلال قيادتها للعملية الاقتصادية فقط، ولكنها تحتاج أيضا لأدوات أيدولوجية للهيمنة كالإعلام، يمكنها من انتاج رأي عام متوافق مع توجهاتها. |
| | | |
سطر 14: |
سطر 16: |
| | | |
| | | |
− | بنظرة جدلية عميقة، سنجد أن "الصوت الحر"، إن جاز التعبير، نجح خلال هذه الفترة في التأثير على أجندة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة وتمكن من نقل خطابه عبرها، وإن كان بالطبع أعاد صياغة هذا الخطاب بما يتناسب مع هذه المنابر، كما أن "المتحكمين في الأمور"، استغلوا الشعبية التي كان يحظى بها أصحاب "الاصوات الحرة"، لتسريب، أو على الاقل، تحييد بعض المفاهيم المعادية. | + | بنظرة جدلية عميقة، سنجد أن "الصوت الحر"، إن جاز التعبير، نجح خلال هذه الفترة في التأثير على أجندة وسائل الإعلام الحكومية والخاصة وتمكن من نقل خطابه عبرها، وإن كان بالطبع أعاد صياغة هذا الخطاب بما يتناسب مع هذه المنابر، كما أن "المتحكمين في الأمور"، استغلوا الشعبية التي كان يحظى بها أصحاب "الاصوات الحرة"، لتسريب، أو على الأقل، تحييد بعض المفاهيم المعادية. |
− | | |
| | | |
− | ولكن الأكيد، أن محاولات الإصلاح من الداخل تلك، لم تتمكن من تغيير علاقات القوى، وكان لها تاريخ صلاحية، انتهى يوم 30 يونيو.
| |
| | | |
− | لا يجب أن ننظر لهذه الفترة، بنظرة طفولة يسارية محدودة، لا ترى فيها غير السلبيات، فبنظرة جدلية أعمق، سنرى أنها كانت منفذا وفرصة للتحريض الثوري من على منبر الأعداء. ولكن لا يجب أيضا أن نتوهم بتصورات طفولية أن تواجدنا على هذه المنابر غير علاقات القوة.
| + | ولكن الأكيد، أن محاولات الإصلاح من الداخل تلك، كانت طوال الوقت في إطار هامش وسائل الإعلام السائدة، ولم تتمكن من تغيير علاقات القوى داخلها، وكان لها تاريخ صلاحية، يمكن أن نقول أنه انتهى يوم 30 يونيو، عندما قرر المسيطرون على وسائل الإعلام بشقيها العام والخاص، الاقتصار على الأساليب والتقنيات الخطابية والتهييجية الفجة لخلق حالة من القلق والخوف تدعم انحيازاتها ومصالحها السياسية، غالقة الباب أمام كل "صوت حر" يتعارض مع هذه الإنحيازات والمصالح، وبانفصال حتى عن قوى السوق، مثل ما حدث مع برنامج "البرنامج". |
| | | |
| | | |
− | على مسار الثورة، فقد التيار الثوري، نتيجة لرجرجته وتفككه، تأثيره الجماهيري واستقلاليته السياسية والأيديولوجية. بالطبع كان تاريخ 30 يونيو محطة مفصليه، ولكن من وجهة نظري، أن هذا حدث قبل ذلك بكثير، وتحديدا من لحظة وصول الإخوان للحكم، وظهور جبهة الإنقاذ كرد فعل. الحركة الثورية خصت نفسها، بتبني رد الفعل هذا، فكريا وسياسيا، وبتبنيها خطاب الفلول المعادي للإخوان. وأصبحت كل التحالفات مقبولة طالما ضد الإخوان. لم تضع هذه الاختيارات الثوار في موقع التابع فقط ولكنها زادت ايضا من عزلتها عن الجماهير وهو ما أوصلنا للحالة الشوفينية التي نحياها. | + | لم يقتصر مأزق "الأصوات الحرة" على استبعاد منابر الإعلام السائد لها، بل الأكثر فداحة، أن بعض هذه الأصوات تذيل خطاب أعدائه، والبعض الآخر وجد نفسه في وضع دفاعي، أفقدته الفدرة على صياغة سرد مستقل. |
| | | |
| | | |
− | لم تكن المشكلة التضييق، بل كانت الاختيارات السياسية، التي لم تدع للإعلام المعارض شيء ليقوله مختلف عن الآخرين في هذه اللحظة؛ فاهتزت 3/4 المهنية والقيم تحت وطأة الأحداث. الزعزعة كاتن جامدة؛ كان كل واحد بيسأل نفسه قبل ما يتكلم: "انا هخسر مين من صحابي؟" نتيجة لما أقول.
| + | إنطلاقا من هذه اللحظة والإشكالية، وبالأخذ في الاعتبار كون حرية التعبير والإعلام ليست فقط القيمة التي تمثل حجر الزاوية بالنسبة لمؤسسة التعبير الرقمي العربي "أضف"، والمتشعبة في جميع أنشطتها، إنما هي أيضا المجال الذي تعمل على تعزيزه وتطويره سواء عن طريق نشاطها المباشر أو عن طريق دعم شبكة، تتسع كل يوم، من الشركاء المصريين والعرب العاملين في هذا المجال، وجدت "أضف" أن هذه اللحظة تحتم عليها القيام بتدخل مدروس يسعى لمساعدة أصحاب "الأصوات الحرة"، الذين لا يمتهنون بالضرورة مهن إعلامية، ولكن لديهم محتوى ورسالة يريدون مخاطبة الرأي العام بها، على صياغة سردياتهم المستقلة، وتمكينهم من المهارات والأدوات التي تسهل هذه المهمة، إلى جانب خلق بيئة لتبادل المهارات والممارسات الجيدة، بيئة داعمة على التعبير الحر وخلق المساحات المحررة من هيمنة الأنظمة والملاك على حد سواء. |
| | | |
− | وبدل ما كان الإعلام المؤسسي، يستخدم ذريعة المهنية، لإنتاج مواد ضد النظام، أصبح رموز الإعلام المعارض يقبلون استضافة مرتضى منصور، ويقبل الثوار الظهور معهم، بذريعة المهنية. كان من الطبيعي عندما تجد مؤسسات الثورة المضادة نفسها في هذا الوضع، ان تعاود الهجوم بل والتوحش. وكما لفظ تحالف 30 يونيو البرادعي، أصبح من السهل على إعلام الثورة المضادة لفظ أمثال احمد دومة، غير لو سار في طريق الثورة المضادة لمنتهاة.
| |
| | | |
| | | |
− | ونتيجة للوضع الدفاعي الذي وضعنا نفسنا فيه، فقدنا قدرتنا على صياغة سرد مستقل، وبقينا بنكسر في مواقف بعض ونعصر ونصغر مساحة الهجوم خوفا من النقد.. المنفذ الوحيد اللي كان قدام الواحد للتعبير عن موقفه - دون رقابة ذاتية - هو صفحتة على الفيسبوك، فقط لو كان يملك الجرءة.
| |
| | | |
| | | |