رسالة المعسكر
في ظل عالم عربي يحاول الحفاظ على هوية ثقافية في عالم يحكمه الإعلام يجد العربي نفسه مفتقدا إلى وسائل التعبير، إلى ثقافة الحوار وإلى المعرفة بوسائل التكنولوجيا المحركة لهذه العملية. وأصبح مصطلح "رقمي" هو المصطلح الأكثر جاذبية في التعبير في الفن والسياسة والعلوم الطبيعية والإنسانية. ومن هنا تهدف المؤسسة إلى إتاحة فرصة لجيل جديد لتعلم هذه الوسائل، جيل يعرف هذا العالم جيداً، متلقيا كماً هائلاً من المعلومات عبر القنوات الفضائية والإنترنت. جيل يستخدم التكنولوجيا بسلاسة وسهولة ويعتبرها جزءاً من حياته، لكنه جيل مستهلك ومتلق لما يطرح عليه من أفكار جاهزة عبر هذه التكنولوجيا. من هنا تأتي ضرورة المشاركة في الجهود التي تبذل للرفع من مستوى الوعي والمعرفة التكنولوجية تمكن العالم العربي من ردم الفجوة الرقمية مع العالم الغربي في المستقبل القريب نظراً لاتساع هذه الفجوة بحسب تقرير التنمية البشرية الصادر عن صندوق التنمية التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
لازالت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة تنمي علاقتنا بما هو واقعي. وبالتالي، يحثنا العالم الرقمي على إعادة النظر في حواسنا بحيث لا ننظر إلى الرقم فقط على أنه أداة بسيطة تخدم طرق التعبير التقليدية الخاصة بنا، ولكن كعالم تكميلي كذلك يكون لنا فيه رموز جمالية جديدة. وعندما نتواصل من خلال التفاعل، تنفتح الأبواب لأفق جمالي جديد من الأنشطة الإبداعية. وبمجرد استيعاب الحقول المختلفة فإنها تفي باحتياجاتنا لصنع الفن والأفكار المتنامية.
إن رموز الحياة العصرية – القمر الصناعي، والتليفزيون، والهواتف المحمولة، واللوحات الالكترونية..الخ تعمل على ربط الفتيان و الفتيات بعالم لم يكن يعرفه آباؤهم أبدًا.
يعيش هؤلاء الفتيان و الفتيات عصرا يطرح عليهم عشرات الأفكار الجاهزة و المعبئة بشكل جيد و التي تأتيهم أساسا من الغرب و بشكل خاص من الولايات المتحدة. فهم معرضون لساعات طويلة من الإعلام المرئي و المسموع و المقروء عبر الأفلام و الموسيقى و القنوات الفضائية و الانترنت و هم يعرفون هذه اللغة جيدا. هو جيل احترف التلقي قسرا و المعسكر هو محاولة لمساعدتهم و تعليمهم للتحول إلى جيل مفكر منتج و مبدع.
مع ازدياد وتعقيد المعلومات التي يستقبلها المواطن اليوم، أصبح هناك مساهمة للفتية العرب في استقبال وسائل الإعلام في عصر التقدم التكنولوجي الهائل وازدياد بث الأقمار الصناعية. من هنا تتزايد الحاجة إلى إكساب الفتية مهارات استخدام الأدوات التكنولوجية والفنية للتعبير عن الذات بسبب المعوقات السياسية والاجتماعية بالأخص الفتية الذين يقطنون في بعض البلدان التي تفتقد المساحة الممنوحة من الحرية. واليوم التركيز ليس لإكسابهم المهارات التكنولوجية فحسب وإنما على طريقة استخدام الفتية للتكنولوجيا المتوفرة لديهم. فهم يتعرضون يومياً لكمّ هائل من المعلومات عبر وسائل الإعلام المختلفة والتي لا تزال تقدم القليل من المواد باللغات المحلية، ولذلك تغيرت الأولوية الى التركيز و الاهتمام بقدرة الفتية على التعبير عن أنفسهم كأفراد وضمن مجموعات وذلك على كلا الصعيدين المحلي والإقليمي.
يمثل الإعلام الرقمي فرصة هائلة للتعلم والنمو والمشاركة في المجتمعات التي يعيش الفتية فيها. فهناك العديد من الوسائط المعاونة مثل الويكيبيديا ويوتيوب والمدونات وصحيفة المواطن وغيرها من المواقع كلها أمثلة على ما يمكن للإنترنت و الوسائل الرقمية من تقديمه. وبذلك تكون شبكة الانترنت وسيلة لممارسة الديموقراطية و ليست مقتصرة على النخبة. ولذا نحن في حاجة لمبادرات مثل مؤسسة " التعبير الرقمي العربية" لسد الفجوة الرقمية والنهضة بمستقبل المنطقة.
تهدف المؤسسة إلى بناء جيل حر من الفتية العرب وإتاحة الفرصة لإنتاج أفكار وأعمال فنية خاصة بهم باستخدام التكنولوجيا الجديدة وذلك في محاولة لإضافة مضمون ثري وخلاق إلى عالم وسائل الإعلام. كما أنها تجمع فتيان و فتيات من مختلف الدول العربية ببعضهم البعض للتعرف على وسائل الإعلام الرقمية واكتشاف هويتهم والتعبير عن ثقافتهم وتراثهم في بيئة حرة.
تشجع مؤسسة التعبير الرقمي العربي الإبداع والتفكير النقدي وحرية التعبير في أوساط الفتية العرب من مختلف البلدان والخلفيات الاجتماعية ، وذلك من خلال التدريب وإتاحة الفرصة لهم للعيش معاً في معسكرات صيفية. حيث تمثل هذه الأدوات فرصة للمشاركة بفاعلية وبشكل خلاق في تحديد الهوية العربية وبناء غد أفضل ولتوظيف طاقاتهم بشكل ايجابي للتعرف على أنفسهم واكتشاف قدراتهم الإبداعية.
تركز المؤسسة على تدريب الفتية العرب لاستخدام تقنيات جديدة ومبتكرة من وسائل التعبير والإنتاج الفردي والمشترك، مثل الأعمال الفنية الرقمية (منهج الصوت و الموسيقا ومنهج السينما و منهج التصميم البصري و الويب 2.0) بإشراف فنانين ومفكرين و ناشطين تقنيين كلها ضمن قالب معسكر صيفي مقيم.
بالإضافة إلى تدريب ودعم الفتيان والفتيات تعمل المؤسسة كمركز إقليمي لتبادل الأفكار والعمل والمنهجية والعصف الذهني الخلاق بين الفنانين والمهنيين و التقنيين من البلدان العربية المختلفة الذين يشاركون في تطوير المناهج وتنفيذ المعسكرات.
عودة الى الصفحة الرئيسية