سطر 24: |
سطر 24: |
| | | |
| أما الخيار الثاني فهو الحصول على هذه المعرفة عن طريق ما تُصَنّفه منظومة الملكية الفكرية بسرقة المعرفة، و هو ما لجأت إليه دول مثل اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و الصين في العقود الأخيرة لكونه الخيار الوحيد العملي المطروح للحصول على المعرفة. و تضع منظومة الملكية الفكرية الحالية الأسس و القواعد لمعاقبة من يسعى للحصول على المعرفة من هذا السبيل، و تمتد هذه العقوبات من معاقبة الأفراد بالحبس و الغرامة إلى معاقبة الدول عن طريق العقوبات الإقتصادية و الحصار الإقتصادي. | | أما الخيار الثاني فهو الحصول على هذه المعرفة عن طريق ما تُصَنّفه منظومة الملكية الفكرية بسرقة المعرفة، و هو ما لجأت إليه دول مثل اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و الصين في العقود الأخيرة لكونه الخيار الوحيد العملي المطروح للحصول على المعرفة. و تضع منظومة الملكية الفكرية الحالية الأسس و القواعد لمعاقبة من يسعى للحصول على المعرفة من هذا السبيل، و تمتد هذه العقوبات من معاقبة الأفراد بالحبس و الغرامة إلى معاقبة الدول عن طريق العقوبات الإقتصادية و الحصار الإقتصادي. |
| + | |
| أما عن الإدعاء بان العائد المادي الناتج من بيع نتاج المعرفة يحفز الإبداع و الإبتكار و إنتاج المزيد من المعرفة، مما يحقق أكبر منفعة ممكنة للبشرية بشكل عام فهو على افضل الفروض إدعاء صحيح بشكل جزئي. فإرتباط هذا الحافز في المنظومة الحالية للملكية الفكرية بحجب المعرفة يعنى ان من انتج المعرفة في بادئ الأمر و احتكرها هو وحده من له حق البناء على ما توصل إليه من معرفة، و بما انه ليس هناك مِن ضامن لأن من أنتج المعرفة هو الأجدر و الأقدر على تطويرها، فإن هذا الاحتكار يحرم البشرية من فرص تطوير هذه المعرفة على يد من هم أجدر و أقدر من منتجها الأصلي و بالتالي يحرم البشرية من تحقيق أفضل إستفادة من هذه المعرفة. | | أما عن الإدعاء بان العائد المادي الناتج من بيع نتاج المعرفة يحفز الإبداع و الإبتكار و إنتاج المزيد من المعرفة، مما يحقق أكبر منفعة ممكنة للبشرية بشكل عام فهو على افضل الفروض إدعاء صحيح بشكل جزئي. فإرتباط هذا الحافز في المنظومة الحالية للملكية الفكرية بحجب المعرفة يعنى ان من انتج المعرفة في بادئ الأمر و احتكرها هو وحده من له حق البناء على ما توصل إليه من معرفة، و بما انه ليس هناك مِن ضامن لأن من أنتج المعرفة هو الأجدر و الأقدر على تطويرها، فإن هذا الاحتكار يحرم البشرية من فرص تطوير هذه المعرفة على يد من هم أجدر و أقدر من منتجها الأصلي و بالتالي يحرم البشرية من تحقيق أفضل إستفادة من هذه المعرفة. |
− | كما دراسة النظام الإقتصادي القائم على منظومة الملكية الفكرية يظهر بوضوح ان من يحقق أكبر قدر من العائد الإقتصادي هو المؤسسات التي تحتكر ما ينتجه المبدعين من المعرفة، حيث تقوم هذه المؤسسات بتشغيل المبدعين بأجر و احتكار إنتاجهم الفكري. و بما ان هذه المؤسسات هي كيانات تهدف للربح فإن هدفها الرئيسي هو زيادة أرباحها و ليس إنتاج المزيد من المعرفة، و مع كون عملية الإبداع عملية ليست مضمونة النتائج و تحتوى على بعض المخاطر من الناحية المالية، فإن هذه المؤسسات تنفق على العملية الإبداعية في أضيق الحدود و يكون أكبر اوجه إنفاقها على حماية ما تحتكره من معرفة و بيعه بأعلى سعر ممكن. و لعل ابلغ دليل على ذلك ما تقوم به هذه المؤسسات في حالة دخولها في الضائقة المالية من تخفيض الإنفاق على البحوث و التطوير و التركيز على المبيعات و التسويق. | + | |
− | و مما يقلل أكثر من كفائة هذه المنظومة في إنتاج المعرفة هو إلتجاء كثير من هذه المؤسسات إلى إعادة إنتاج معرفة موجودة بالفعل لدى منافسيها لخلق فرصة لزيادة دخلها بدون اضافة حقيقية للمعرفة البشرية. و مما يزيد الوضع سوءا انه نتيجة للمنافسة، فغالبا ما ينتهي الأمر إلى أن يتبقى عدد قليل من الشركات في مجال المنافسة بينما يفلس أغلبها أو يتوقف عن محاولة المنافسة في هذا السوق، و نتيجة لذلك فإن الغالبية العظمى من هذه المعرفة المنتجة، نتيجة لحجبها، ينتهى بها الأمر إلى الضياع. | + | كما أن دراسة النظام الإقتصادي القائم على منظومة الملكية الفكرية يظهر بوضوح ان من يحقق أكبر قدر من العائد الإقتصادي ليس هم المبدعين، انما هي المؤسسات التي تحتكر ما ينتجه المبدعين من المعرفة، حيث تقوم هذه المؤسسات بتشغيل المبدعين بأجر و احتكار إنتاجهم الفكري. و بما ان هذه المؤسسات هي كيانات تهدف للربح فإن هدفها الرئيسي هو زيادة أرباحها و ليس إنتاج المزيد من المعرفة، و مع كون عملية الإبداع عملية ليست مضمونة النتائج و تحتوى على بعض المخاطر من الناحية المالية، فإن هذه المؤسسات تنفق على العملية الإبداعية في أضيق الحدود و يكون أكبر اوجه إنفاقها على حماية ما تحتكره من معرفة و بيعه بأعلى سعر ممكن. و لعل ابلغ دليل على ذلك ما تقوم به هذه المؤسسات في حالة دخولها في الضائقة المالية من تخفيض الإنفاق على البحوث و التطوير و التركيز على المبيعات و التسويق، بل و عادة ما يبدأ تقليص العمالة في أي مؤسسة بالتخلص من المبدعين. |
− | و في اغلب الظن، فإن من يروج لهذه المنظومة من دول و مؤسسات يقوم بذلك بشكل واعي تماما لنتائج هذه المنظومة من توسيع الفجوة الإقتصادية و المعرفية و تحويل الدول و الشعوب الأفقر إلى سوق دائم لسلعة لا تنتهي و هي نتاج هذه المعرفة، بل أكثر من ذلك، بحيث يتم إخضاعهم إقتصاديا و السيطرة على قراراتهم السياسية. | + | |
| + | و مما يقلل أكثر من كفائة هذه المنظومة في إنتاج المعرفة هو إلتجاء كثير من هذه المؤسسات إلى إعادة إنتاج معرفة موجودة بالفعل لدى منافسيها، و تهدف بهذا إلى لخلق فرصة لزيادة دخلها عن طريق المنافسة في الأسواق الأغنى بدون اضافة حقيقية للمعرفة البشرية. |
| + | |
| + | و مما يزيد الوضع سوءا انه، نتيجة للمنافسة، غالبا ما ينتهي الأمر إلى أن يتبقى عدد قليل من الشركات في مجال المنافسة بينما يفلس أغلبها أو يتوقف عن محاولة المنافسة في هذا السوق، و نتيجة لذلك فإن الغالبية العظمى من هذه المعرفة المنتجة، نتيجة لحجبها، ينتهى بها الأمر إلى الضياع. |
| + | |
| + | و في اغلب الظن، فإن من يروج لهذه المنظومة من دول و مؤسسات يقوم بذلك بوعي كامل لنتائج هذه المنظومة من توسيع الفجوة الإقتصادية و المعرفية و تحويل الدول و الشعوب الأفقر إلى سوق دائم لسلعة لا تنتهي و هي نتاج هذه المعرفة. بل أكثر من ذلك، حيث يصل الأمر في كثير من الأحوال إلى إخضاع هذه الدول إقتصاديا و السيطرة على قراراتهم السياسية. |
| + | |
| و لعل أبلغ أمثلة على ذلك ما يحدث في صناعة إنتاج البذور، حيث | | و لعل أبلغ أمثلة على ذلك ما يحدث في صناعة إنتاج البذور، حيث |